في عالمنا المعاصر، أصبحنا نعاني من الأمراض التي ترتبط بالرفاهية! ومن بينها على سبيل المثال، السمنة المفرطة التي تنتج عن أسلوب الحياة القليل الحركة والغني بالسعرات الحرارية، في حين أن الإنسان قبل عشرات السنين فقط، كان كثير الحركة ولم تكن وسائل التنقل المختلفة، واسعة الانتشار كما هو عليه الحال الآن. ومع تطور أيضاً صناعة الغذاء وابتكار أصناف جديدة من النكهات والإضافات الغنية بالسعرات الحرارية، إلى جانب نوعية أعمالنا التي تفرض علينا البقاء جالسين لوقت طويل أمام شاشة الكومبيوتر، كل هذا أدّى مع الوقت إلى ارتفاع نسبة السمنة في المجتمعات الصناعية والمجتمعات المتطورة، وحتى في بلدان العالم الثالث، مع ما يرافقها من أعراض مرضية مختلفة دفعت بمنظمة الصحة العالمية إلى تصنيفها كمرض قائم بذاته.
لنتعرف إلى الأسباب الطبية التي تؤدي إلى حدوث السمنة، وعلاقتها بعملية التمثيل الغذائي أو الأيض، وما هو الرابط ما بين السمنة والإصابة بداء السكري على سبيل المثال، أجرينا هذه المقابلة مع البروفيسور فرانسوا برالونغ، وهو طبيب متخصص في أمراض الغدد الصماء والسكري والطب الباطني العام في مستشفى Hôpital De La Tour في مدينة جنيف السويسرية، ليجيب على كل تساؤلاتنا بما فيها الجدوى من أنواع الحميات الغذائية الواسعة الانتشار في الوقت الراهن:
لنبدأ أولاً بتعريف كل من عملية التمثيل الغذائي أو الأيض، والسمنة.
الأيض أو التمثيل الغذائي عملية تحدث في الجسم وتشبه محرك الاحتراق الذي يعمل بكسل على مستوى جميع الخلايا. إنه أمر حيوي، ولذا عندما يتوقف المحرك، تتوقف الحياة أيضاً.
فيما يتمّ تصنيف السمنة بحسب مؤشر كتلة الجسم. ويُحسب مؤشر كتلة الجسم بقسمة مربع الطول على الوزن، بحيث تتراوح القيم الطبيعية بين 18.5 و 25، وعندما يتراوح هذا المؤشر ما بين 25 و 30 نصبح أمام ما يُسمى بالوزن الزائد، وعندما يتخطى المؤشر الـ40، فنحن عندها أمام حالة تعاني من السمنة المفرطة.
هل تُعد السمنة مرضاً؟ ومتى نستطيع أن نصنّف شخصاً ما على أنه يعاني من السمنة؟
من الواضح أن السمنة تُعد مرضاً وفقاً لتعريف منظمة الصحة العالمية: فهي عبارة عن مرض مزمن ومعقد ومتعدد العوامل ومتكرر الانتكاس. كما ذكرنا أعلاه ، يُعد الشخص سميناً عندما يتجاوز مؤشر كتلة جسمه 30 كجم / م 2.
كيف يربط الطب ما بين السمنة وعملية التمثيل الغذائي؟ ومتى يمكن اعتبار السمنة نتيجة مباشرة لضعف عملية الأيض؟
نادراً ما تكون السمنة ناتجة عن خلل في التمثيل الغذائي. على أي حال فهي لا تنتج فقط عن هذا السبب، لأن الحالات المرضية عادةً ما تكون معقدّة ومتشعبّة. في الواقع، لقد ثبت بوضوح أن الغالبية العظمى من المرضى الذين يعانون من السمنة يكون التمثيل الغذائي لديهم طبيعياً تماماً. لكن يبقى أنه توجد حالات نادرة جداً من السمنة، غالباً ما تُسمى بأحادية الجين، والتي تمثل أقل من 5٪ من بدانة الأطفال، والتي يمكن أن تنتج عن التغيرات في عملية الأيض.
ما هي الأسباب التي تؤدي إلى ضعف أو تراجع عملية المثيل الغذائي؟ وما هي المقاربة المتعمدة من قبل مستشفى Hopital De La Tour لعلاج هذه المشكلة؟
كما شرحنا سابقاً، يمثل مفهوم التمثيل الغذائي المنخفض أو غير الفعال جزءاً صغيراً جداً من أسباب زيادة الوزن، ونادراً ما يتسبب بحدوث السمنة. قد يتغير التمثيل الغذائي قليلاً في حالة قصور الغدة الدرقية، وفي مرض كوشينغ الذي يمثل زيادة مرضية في إنتاج هرمونات الغدة الكظرية، وكثيراً ما يتم ملاحظة التغيرات في توزيع الأنسجة الدهنية أثناء فترة انقطاع الطمث.
في المقابل، يمكننا القول من وجهة النظر العلمية، بأن السبب الأكثر شيوعاً للتغير الأيضي هو حدوث تغيرات كبيرة في الوزن، كما يتضح عند الخضوع لحميات غذائية متكررة المتكررة. فقد ثبت أن فقدان الوزن الذي يزيد عن 5-6 كيلوغرامات بسبب الحميات الغذائية، والذي غالباً ما يتبعه استعادة الوزن المفقود، هو أحد الأسباب الرئيسية لضعف التمثيل الغذائي. فالمرضى الذين عانوا بتكرار من تأرجح وزنهم بين الخسارة واكتساب الكيلوغرامات، يواجهون صعوبة أكبر في بدء إنقاص الوزن دون مساعدة دوائية أو جراحية بسبب هذه التغييرات في عملية التمثيل الغذائي.
ولذا فإن المنهاج الطبي الذي نعتمده في مواجهة ضعف عملية التمثيل الغذائية، يكمن في علاج السبب من جذوره (والذي قد يتجلّى في قصور الغدة الدرقية، أو زيادة إفراز هرمونات الغدة الكظرية)، أو في تقديم، كما هو موضح أعلاه، أدوات مساعدة على إنقاص الوزن مثل الدواء أو الجراحة.
نحن نعلم بأن العادات الغذائية قد تغيرت كثيراً على مر السنين، ويميل الناس اليوم إلى التركيز أكثر على الوجبات السريعة بسبب أسلوب حياتهم المزدحم وكثرة انشغالاتهم. من الناحية الطبية، كيف يسهم نمط حياة المرء في معاناته من السمنة؟
في الواقع، فإن العامل الرئيس للسمنة يتجلى في نمط الحياة، والذي يمثل حوالي 80٪ من أسباب زيادة الوزن. إن الارتباط بين نظام غذائي غني في كثير من الأحيان، وتناول طعام غير منظم في بعض الأحيان، إلى جانب نمط حياة يتسم بالخمول، هو السبب الرئيسي لزيادة الوزن في مجتمعاتنا. من منظور طبي، مازلنا نركّز كثيراً على مساعدة مرضى السمنة في تغيير أسلوب ونمط حياتهم اليومية للتخلص من هذه المشكلة.
وهل يوجد رابط ما بين مرض السكري والإصابة بالسمنة أو المعاناة من ضعف عملية الأيض؟
لا أعتقد أنه يمكننا التحدث عن اضطراب التمثيل الغذائي فيما يتعلق بالسمنة، لأن أكثر من 80٪ من حالات السمنة لا ترتبط باضطرابات التمثيل الغذائي. وفي الوقت الحاضر، فإن الارتباط بين مرض السكري والسمنة هو ارتباط السبب والنتيجة، إذ غالباً ما تكون زيادة الوزن مصحوبة بمقاومة الأنسولين التي تشكل عاملاً خطراً للإصابة بمرض السكري.
من بين الحميات الغذائية الشائعة حالياً، مثل الكيتو والباليو والنظام النباتي وغيرها، ما هو النظام الذي تنصح عادةً باتباعه للسيطرة على السمنة؟
في الحقيقة أنا لا أوصي مرضى السمنة لديّ باتباع أي نظام غذائي. فقد أثبتت الأدبيات الوفيرة للغاية اليوم، بأن الحميات الغذائية توّلد الإحباط، ثم الانتكاس، ما يؤدي إلى زيادة الوزن، وهذا يوّلد أيضاً حدوث التغيرات الأيضية التي تمت مناقشتها أعلاه. وحتى عندما يتمكن المريض من إكمال نظام غذائي وتحقيق هدفه في إنقاص وزنه، فإن رد الفعل الفزيولوجي للجسم على فقدان الوزن، يتجلى في إبطاء عملية التمثيل الغذائي، وهذا ما يعزز بالتالي من استعادة الوزن.
وهل يمكن أن تشارك قرّاءنا بعض النصائح لتجنّب الإصابة بالسمنة؟
لأكون صريحاً، فإن الإجابة على هذا السؤال معقدة لأن البشر قد خلقوا مجتمعاً فيه الكثير من الوفرة والسكن غير الملائمين للإنسان من الناحية الوراثية. أعتقد أن أفضل نصيحة يمكن أن نقدمها للسكان، والتي يجب أن تكون أيضاً جزءاً من السياسة العامة، تكمن في تعزيز النشاط البدني المنتظم على أساس يومي، والتأكد من أن النظام الغذائي للفرد متوازن قدر الإمكان، مع تجنب أي نوع من المواد الغذائية المصنعة قدر الإمكان.
يُذكر أن مستشفى Hôpital De La Tour تقوم الآن بتوفير خدمات فريدة وشخصية ومرافق للمرضى العرب كي يتمكنوا من الحصول على مستوى أعلى من الرعاية الصحية. تتضمن تلك الخدمات توفير موظفين يتحدثون اللغة العربية مثل الممرضات والممرضين والمسؤولين عن التنسيق للرعاية، توفير مترجمين، أجنحة خاصة من الدرجة الأولى، خدمات ليموزين، كونسيرج، حجز فنادق وغيرها. ومن ناحية ثانية، فإن أن عامل التميز لدى مستشفى أوبيتال دي لا تور يتجاوز جودة الخدمات الفائقة ليشمل كذلك التكنولوجيا المتقدمة التي تستعين بها، إذ تستخدم المستشفى أحدث المعدات لضمان الدقة في التشخيص والعلاج، وهي توفر وحدات رعاية مركزة مُعتمدة، وحدات رعاية متوسطة، غرف عمليات، مختبرات قسطرة، خدمات طوارئ وغيرها. وقد جرى تجهيز المستشفى بتكنولوجيا وبنى تحتية متقدمة، حيث تضم قسماً متطوراً لجراحة العظام والكسور فيه 11 طبيباً مختصاً ومركزاً طبيّاً أولمبياً سويسرياً مع وحدة إعادة تأهيل متقدمة عالية الجودة، مركزاً لعلاج السرطان، مركزاً لصحة المرأة، مركزاً لأمراض القلب والرئة ومركزاً لعلاج السمنة.
كلمات مفتاحيّة:
رجيم صحي،
رجيم،
عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.