في السابع من يوليو ٢٠١٤، اجتمعت نخبة مجتمع الموضة في باريس لإلقاء النظرة الأولى على مجموعة الكوتور الجديدة للمصمّم السوري رامي العلي لموسم خريف وشتاء ٢٠١٤/٢٠١٥. أتت كل قطعةٍ من القطع العشرين كلغزٍ جميل جمع بين الخامات الفاخرة والتفاصيل المتقنة، فيما اتحدت ظلال الغابة الغنية كالأخضر والبيج والذهبي مع الألوان الأساسية لبعث الحياة في لوحة الألوان. إنه مشهد إزهار الطبيعة وتحوّلها الأبدي والأزلي. وبلمساتٍ هندسيةٍ ماهرة تمكن العلي من التلاعب بالأقمشة لخلق صورٍ خفيّةٍ تحتاج إلى زوايا معينة لرؤيتها. والنتيجة النهائية كانت إبهارًا يثير الدهشة.
مع رامي العلي كان الحوار التالي:
هذا العام أيضًا قدّمت تصاميمك في باريس. كيف اختلفت التجربة هذا العام عن العام السابق؟
هذا العام كان الموسم السادس لي في باريس وكانت تجربة مختلفة جدًا مقارنة مع عرض السنة الماضية، لأن هذه المرّة الأولى لنا في مكان جديد وهو متحف الفنون الزخرفية. وفّر المكان الجديد خلفية مثالية لمجموعتي المستوحاة من الغابات المطيرة. لطالما كان تقديم العروض في باريس أمرًا رائعًا، وهو مختلف عن العروض التي نقدمها في أي مكان آخر في العالم. ليست المسألة هنا حول إظهار جمال الفستان فقط، بل حول إظهار التقنيات المستخدمة، الفلسفة، الهيكل والأصالة التي استخدمناها لصنع كلّ فستان.
قليلة هي الدور التي تقدّم الهوت كوتور، ومع ذلك نجد العديد من المصمّمين العرب الذين يبرعون في هذا المجال. شخصيًا، ما تأثير ذلك على مسيرتك كمصمّم أزياء سوري مقيم في دبي؟
المصمّمون العرب يتفوّقون في مجال الهوت كوتور، فهم يصوغون هوية متميّزة فريدة لأنفسهم. التراث السوري سيكون له دائمًا تأثير عميق عليّ كمصمّم أزياء، وسواء كان ذلك في شكل أصغر التفاصيل، سوف تجدين دائمًا العنصر العربيّ الذي يميّز مجموعاتي. إنه جزء من أسلوبي المتميّز، وهو أمرٌ متجذّر بعمق في اللاوعي الخاص بي.
ما هي أجمل ذكرى تحملها معك من أسبوع باريس للهوت كوتور هذا العام؟
هذا العام، الشيء الرئيسيّ الذي أحببته كان المكان الجديد. كان الجو مختلفًا جدًا عن المواسم السابقة وكان الأمر مثيرًا أن نعرض في مكان جديد، ولا سيما أنه يقع في متحف اللوفر الشهير. منصة العرض كانت عبارة عن درج من الرخام الذي وفّر خلفية مثالية لموضوع المجموعة. انتظار العارضة الأولى لتخرج أصابني بالتوّتر، لكنني كنتُ سعيدًا في كيفية تقديم العرض بشكل لا يصدَّق.
فساتينك بدت مشغولة بعناية بالغة، وتميّزت بالكثير من البريق والملامح الأرستقراطية. من هي المرأة التي صمّمتَ لها هذه المجموعة؟
لم يكن هناك مصدر إلهام محدد لهذه المجموعة، بل دائمًا ما أخلق قطعًا تجسّد صورة جسم النساء. إلهامي لهذه المجموعة بالتحديد جاء من رحلتي الأخيرة إلى البرازيل واستوحيت من الغابات المطيرة، فغالبًا ما أستوحي من رحلاتي ومن حبّي للتعرّف على ثقافات جديدة. هذه المرة، افتُتنتُ خاصةً بمفهوم الغابات المطيرة والتناقضات التي تقدّمها. تشعرين بالسكون المطلق، ولكن هناك حالة من التغيّر المستمر وحيوية غريبة، الأمر الذي يترك انطباعًا حيًا.
استندت إلى الغابات المطيرة في خفاياها وأسرارها لتستوحي تصاميمك الجديدة. كيف تجلّى هذا الوحي في تصاميمك؟
أردت أن تعكس مجموعتي للخريف والشتاء مستويات مختلفة تحت مظلة الغابات المطيرة، وتحقّقت بعدد من الطرق. جربت الأمر مع الفساتين الضيّقة التي برزت مع المنحنيات والخطوط، وأدرجت أيضًا التنانير الضخمة المتعدّدة الطبقات التي تكرّم عمل الطبيعة. لقد أدرجت أيضًا في خطّ المجموعة الطبعات المستوحاة من الغابات المطرية، وعملت مع لوحة الألوان الحيوية كالأصفر، الأزرق، الأرجواني، الزمرّدي والياقوتي التي تقابل نغمات اللون الأخضر للغابات واللونين البيج والذهبي.
ما هي أبرز ملامح هذه التشكيلة من حيث الأقمشة والألوان والقصات؟
الأقمشة، الألوان والقصّات أدّت جميعها دورًا هامًا جدًا في المجموعة وجميعها بدت متشابكة ومتداخلة إلى حدّ كبير. استخدمت الأقمشة الفاخرة مثل الأورغنزا والتول، ووضعت تركيزًا كبيرًا على التفاصيل، وهو الأمر الذي يمكن ملاحظته من خلال الخرز والنسيج الثلاثي الأبعاد. كل هذا عمل في تناغم تامّ مع لوحة الألوان وقصّات الفساتين، التي تراوحت بين خطوط الجسم والتنانير الضخمة.
ما هي صيحات الموضة العالمية التي حرصتَ على أن تكون موجودة في تصاميمك، ولكنك قدّمتها بأسلوبك الخاص؟
مع أنّ من المهم جدًا النظر إلى ما يجري من حولكِ في العالم، الكوتور يبقى حقلًا مختلفًا جدًا، ولا يتبع بالضرورة الاتجاهات والصيحات. في كلّ مجموعة، هناك استكشاف منسوجات مثيرة للاهتمام وتقنيات جديدة، وفيما أميل أكثر للحفاظ على الفساتين الكلاسيكية، أخاطر أحيانًا أيضًا سواء كان ذلك من خلال اللون، العمق أو التلاعب بالأنسجة بطريقة غير تقليدية.
ما الذي تعلمته تحديدًا من خلال تصميمك للمرأة العربية؟
نساء الشرق الأوسط عصريات للغاية، يمكنكِ أن تجدي الكثير من الأزياء التقليدية، الأزياء العصرية والشبابية الى الأزياء الكلاسيكية. هنّ مغرمات تمامًا بالموضة ويفهمن قوّة الإطلالة الجيدة.
برأيك، كيف تختلف المرأة في دبي عن المرأة العالمية بأسلوبها ومحاكاتها للموضة والأناقة؟
النساء في هذه المنطقة يتمتعن بالذكاء في الموضة كما هنّ أنيقات للغاية. هنّ أنيقات ويستمتعن بالموضة التي تمزج الأناقة مع الشهوانية.
برأيك، ما الذي يصنع "الأسلوب" أو Style؟ من هي المرأة التي يمكن أن تقول إنها تتمتع بأسلوب متميّز جدًا؟
الاسلوب مرتبط بالفرد. لا يستطيع الجميع تبنّي أحدث الاتجاهات والصيحات، وعلى النساء معرفة ما يناسب شخصيّتهنّ ونوع جسمهنّ وما لا يناسبهنّ. الموضة تتغيّر باستمرار وسرعان ما تختفي حتى بعد وقتٍ قصير من رواجها، بينما الاسلوب خالد. سيكون من الصعب اختيار امرأة واحدة فقط تتمتّع بأسلوب متميّز جدًا، ولكن أعتقد أن أوليفيا باليرمو لديها حسٌّ رائع في ما يخصّ الفساتين، فهي تظهر دائمًا بطريقة رائعة وترتدي قطعًا جميلة التصميم.
من هي المرأة التي تحب أن تراها في تصاميم رامي العلي؟
امرأة رامي العلي لا يمكن تعريفها على أنها مجرد امرأة واحدة، فتصاميمي تحاكي الكثير من النساء. أعمل مع السيّدات المتقدمات في السن، مع الشابات ومع النساء الأكثر تحفظًا وجميعهنّ يقدّرن العمل الجميل ويبدون رائعات في تصاميمي. حين يكون العمل جميلًا، إنه جميلٌ ولا يمكن التشكيك فيه.