يعيش عالم الترفيه اليوم ما يُعرف بـ"حمى فيلم باربي" الذي أعاد إلى الضوء، هذه اللعبة الأيقونية التي لطالما وُضعت تحت نيران الانتقادات اللاذعة، ولاسيما في فترة الثمانينيات والتسعينيات، عندما اتُهمت بالترويج لمعايير جمالية غير واقية، مثل الجمال المثالي، القوام الممشوق والنحيف والشعر الأشقر الكثيف. يومها، كان علماء نفس الأطفال يتهمون اللعبة بترسيخ قناعات غير واقعية لدى الأطفال، حول مفهوم الجمال المعاصر، مما دفع بجيل بأكمله من المراهقين الذين عاشوا طفولتهم مع هذه اللعبة، إلى المعاناة من اضطرابات نفسية تتعلق بالسلوك الغذائي، وهو ما اصطُلح على تسميته بالأنوريكسيا والبوليميا.
لكن اليوم يبدو أن كل شيء تغير، وأن اللعبة التي كانت في موضع اتهام، أصبحت من جديد نجمة، يهلل لها الملايين وتتشبه بها الإناث من كل الأعمار، وذلك بفضل فيلم Barbie من بطولة الممثلة الأسترالية الفاتنة مارغو روبي والممثل راين غوزلينغ.
لكن ما هي قصة هذه اللعبة وكيف أصبحت أيقونة شهيرة؟
وُلدت باربي للمرة الأولى في العام 1959 من قبل شركة Mattel, Inc وهي شركة لإنتاج الألعاب تتخذ من جنوب كاليفورنيا مقراً لها. في ذلك العام قررت المؤسِسة لهذه الشركة روث هاندلر مع زوجها إليوت، ابتكار هذه اللعبة التي حملت اسم باربرا ميليسنت روبرتس. وخلافاً لدمى الأطفال السمينة وذات الوجه الممتلئ التي كانت سائدة في تلك الفترة، فاجأت باربي الجميع بقوامها الممشوق والمثالي، مما جعلها مادة مثيرة للجدل لاسيما من قِبل الأمهات بسبب تكاوين جسمها المثيرة.
غير أن شركة Mattel, Inc قررت انتهاج أسلوب جديد في تسويق هذه اللعبة من خلال التوجه مباشرةً إلى الأطفال من خلال الحملات التلفزيونية، لتصبح أول شركة تقدّم الإعلانات التي تتوجه إلى الأطفال في العالم.
وعليه، بدأت اللعبة تلقى القبول من قِبل الجمهور الذي طالب بعد ذلك بالمزيد من اللعب المماثلة، فأطلقت الشركة كين، صديق باربي في العام 1961، ومن ثمّ أتبعته بميدج، صديقة باربي في العام 1963، وسكيبر، الأخت الصغرى لباربي في العام 1964. وعلى مرّ السنوات، أطلقت الشركة المزيد من الشخصيات التي تدور في فلك عالم باربي، كما أطلقت باربي اللاتينية وباربي الأفريقية.
وبقيت لعبة باربي تمثّل شخصية "الفتاة الشقراء"، المرحة والتي لا تتمتع بالكثير من الذكاء ولا الكثير من الثقافة، والتي تحب اللون الوردي وتبحث دائماً عمّا يسعدها في الحياة. وهذا ما تحاول مارغو روبي تجسيده في الفيلم الجديد، والذي تظهر فيه أيضاً بملابس مستوحاة من لعبة باربي الحقيقية.
عودة الانتقادات من جديد
لكن انطلاقاً من السبعينيات، تعرضت باربي من جديد للانتقادات بسبب تركيز اللعبة على الناحية المادية (تكديس السيارات والمنازل والملابس) ونسب الجسم غير الواقعية. في الواقع، أعلن باحثون في فنلندا عام 1994 أنه إذا كانت باربي امرأة حقيقية، فلن يكون لديها ما يكفي من الدهون في الجسم للدورة الشهرية. وقد استجابت شركة Mattel عن طريق تغيير قالب الجسم لباربي في عدة مناسبات. ففي مطلع القرن الحادي والعشرين، حصلت الدمية على ثدي أصغر، وخصر أعرض، وورك أنحف، وفي عام 2016 أصدرت الشركة ثلاثة أحجام إضافية من باربي: صغيرة وطويلة وممتلئة.
من ناحية ثانية، و على الرغم من أن شركة Mattel قد صنفت باربي على أنها "الفتاة الأمريكية المثالية"، إلا أن الدمية لم يتم تصنيعها أبداً في الولايات المتحدة، وذلك لتجنب ارتفاع تكاليف العمالة. وأصبحت الدمية اليوم ترمز إلى الرأسمالية الاستهلاكية وهي علامة تجارية عالمية مثل Coca-Cola، مع أسواق رئيسية في أوروبا وأمريكا اللاتينية وآسيا. في عام 2009 ، افتتحت شركة Mattel متجر باربي الرئيسي المكون من ستة طوابق في شنغهاي، ويضم منتجعاً صحياً واستوديو للتصميم ومقهى، بالإضافة إلى مجموعة واسعة من المنتجات المتعلقة بباربي. ومع ذلك، لم تحصل باربي على موافقة السلطات في العالم الإسلامي. ففي عام 1995، أوقفت المملكة العربية السعودية بيعها لأنها لم تلتزم بقواعد اللباس الإسلامي. وفي نهاية المطاف، تم تسويق دمى مماثلة، بعضها يرتدي الحجاب للفتيات المسلمات.
كلمات مفتاحيّة:
مكياج باربي،
عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.