قد تكون ناطحات السحاب من أهم العناصر الجمالية للمدن الصاخبة في هذا العصر اذ تعطيها بعدًا هندسيًا حداثيًا يخبر عن تطور المدينة وتقدّمها التصميمي والبنيوي، إلا أنها في الواقع سيف ذو حدين. ففي بعض الاماكن الجغرافية، كما في منطقة زيتينبورنو في اسطنبول، يبدو ان حضور بعض ناطحات السحاب لن يطول، والهدف هو حماية المواقع التاريخية!
يبدو ان الحكومة التركية جدية في قرار الهدم الجزئي او الكلي لبعض ناطحات السحاب الجديدة في زيتينبورنو بهدف حماية المناظر التاريخية لبعض المعالم القيّمة مثل متحف آيا صوفيا، وغيرها من المواقع التي يشهد لعظمتها التاريخ... ثلاث ناطحات سحاب في مشروع "اونالتي دوكوز" غربي اسطنبول ستتعرّض للهدم. هذا ما يبدو وشيكًا بالنسبة لمبانٍ من تصميم "Alpar Architecture" للمطوّر "Astay Gayrimenkul" كانت قد انشئت لتكون التحفة الفنية لموقع من 12 هكتارًا وذلك على ارتفاع 26 الى 37 طابقًا. لكن قرار بنائها ووجه بانتقادات كثيرة تحدثت عن تشويه لصورة المدينة المميزة بمعالم لا تتكرر مثل آيا صوفيا وقصر توكباكي والمسجد الازرق، كما لوّحت منظمة اليونيسكو العالمية بتجريد المدينة من مكانتها من ضمن مواقع التراث العالمي.
وتُعرف مدينة اسطنبول بعمارتها المتنوعة التي تتسم بثقل تاريخي كبير اذ تجمع بين النمط الإغريقي والروماني والبيزنطي والجنوي والعثماني. واليوم من ابرز معالم المدينة: متحف آيا صوفيا، ومسجد السلطان احمد (المسجد الازرق) ومسلة تحتموس الثالث وقصر الباب العالي ومتحف تشورا، إحدى أجمل الكنائس البيزنطية التي تحوّلت في القرن السادس عشر إلى مسجد ومن ثم الى متحف سنة 1948، وتزيّن الفسيفساء والتصويرات الجصّية سقف هذا المتحف وجميع جدرانه، بالاضافة الى جسر البوسفور، أحد الجسرين اللذين يصلان أوروبا بآسيا، ويبلغ طوله 1,510 أمتار، ويصل عرض سطحه إلى 39 مترًا، وقصر يلدز الذي كان مقرًا للسلطان عبد الحميد الثاني وحاشيته، وغيرها الكثير من المعالم...
وبين عظمة هذه الانشاءات القديمة تبدو ناطحات السحاب ابتكارًا هزيلًا قد لا يجد مكانًا مناسبًا له وسط اسطنبول!