ثمة العديد من الوجوه التي طبعت صناعة السينما و تحولت إلى أيقونات للجمال و رموز للجاذبية و مضرب مثل لدى مختلف شعوب العالم.
هذه الوجوه لم ترتبط فقط بذكرى أفلام معينة أو أحداث تاريخية محددة، بل نراها تختزل في صورها ثقافة أجيال بأكملها. و عندما نتحدث عن الثقافة، إنّما نعني بها كل جوانب الحياة اليومية، من فنون و علوم و جمال و موضة و هندسة و غيرها..
هل بتنا تفتقر للابتكار ونرفض الجمال الطبيعي؟
لا شكّ في أن الأسماء التي ذكرناها سابقاً عرفت مجداً كبيراً و شهرة عظيمة منذ الأربعينيات حتى السبعينيات، فجمالها و أناقتها و موهبتها جعلتها من الشخصيات التي ستبقى خالدة في ذاكرة الشعوب و عشاق الفن السابع و المعنيين بعالم الأناقة. لكن لماذا؟ و كيف استطاعت أولئك النجمات التمتع بستايل يتخطّى حدود الزمان و المكان ليفرض حضوره على مدى أجيال و عقود من الزمن؟
- ما هو أكيد أن معايير الجمال في تلك السنوات كانت مختلفة، أقرب إلى الطبيعة، أو لنقل "الحقيقة". لم تكن الجراحات التجميلية رائجة كما هي الحال اليوم، و كانت بعض العيوب الخلقية البسيطة تُعد بمثابة سمة تميّز النجمة عن غيرها، و لذلك لم تلجأ بريجيت باردو مثلاً إلى تجميل أسنانها رغم أنها كانت تعاني من تباعد واضح في أسنانها الأمامية، و لم تكترث صوفيا لورين لضعف نظرها بل ارتدت النظارات الطبية و بدت جميلة بها، و مارلين مونرو لم تسعَ لزيادة حجم ثدييها رغم أنها تُعدّ رمزاً للإثارة، و كانت ترفض أيّ زيادة في الحجم لتضاعف من شهرتها.. اودري هيبورن التي تحسدها الملايين من النساء حول العالم على جمالها وأناقتها رغم وفاتها منذ سنوات عدة، كانت تعاني من "حولة الحسن" ولكن هذا لم يزعجها أبداً، ولم تسعَ كلوديا كاردينا يوماً إلى تغيير طبيعة شعرها الخشن وتحويله إلى شعر أملس أشقر اللون..
- كانت النجمات في تلك الحقبة أكثر حرّية في استكشاف الموضة و ابتكار ستايلهن الخاص. كنّ حرّات في التجربة و المغامرة، ولم يجدن أنفسهن في قبضة شركات الإعلان التي تفرض عليهن أنماطاً محددة من التصاميم أو التعامل مع مصممي ازياء محددين، أو تختار لهن الصورة التي يجب أن يظهرن بها في أعين الجمهور. لذلك تتمتع نجمات أيام زمان ببصمة خاصّة بهن في مجال الموضة، ما زالت تُعدّ حتى اليوم من ركائز الأناقة و الذوق الرفيع.
- لم يكنّ يقلدن بعضهن بعضاً، بل كن يحرصن على اختيار التصاميم التي تناسب شكل أجسامهن و تتكامل مع شخصياتهن.
- لم يجدن أنفسهن بشكل يومي تحت ضغط وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، بل كنّ ينعمن بالخصوصية التي تفتقر إليها النجمات اليوم. اليوم لا تستطيع أيّ نجمة أن تقوم بنزهة برفقة صديقتها في الشارع من دون أن تنتشر صورها في الإعلام، و هي تدرك أنه مع كل خروج، يجب أن تبدو في أجمل مظهر ممكن وأن تختار ملابسها بعناية كبيرة حتى لا تصبح محط الانتقاد و السخرية. ربما هي الضغوط الكبيرة التي تُمارس على النجمات اليوم، تجعلهن أكثر ميلاً لجراحات الجميل. أما في ما يتعلق بتقليد الستايلات، فالحق ليس على النجمات، بل على مصممي الأزياء، الذين ربما باتوا يفتقرون للابتكار، بدليل أنهم يعيدون إنتاج موضة السبعينيات و الثمانينيات و التسعينيات، كما يقدّمون عروضاً متشابهة إلى درجة كبيرة.