‎مقابلة مع بريتاني هانت حول جودة النوم وأثره على الصحة العقلية في رمضان | Gheir

‎مقابلة مع بريتاني هانت حول جودة النوم وأثره على الصحة العقلية في رمضان

رشاقة  Mar 21, 2025     
×

‎مقابلة مع بريتاني هانت حول جودة النوم وأثره على الصحة العقلية في رمضان

تعدّ جودة النوم خلال شهر رمضان أمرًا بالغ الأهمية لصحة الجسم والعقل، خصوصاً في ظل التغييرات التي تطرأ على مواعيد الطعام والنوم. وفي مقابلة خاصة بموقعنا، تطرقت بريتاني هانت، رئيسة قسم الجودة والابتكار في "عيادة الألب" Clinic Les Alpes، التي تتمتع بتخصصات في الصحة العقلية والإدمان، إلى أبرز المؤشرات التي قد تدل على اضطرابات النوم في هذا الشهر الكريم. وتشير هانت إلى ضرورة مراقبة الشعور بالتعب المفرط، تقلب المزاج، والصعوبة في التركيز كعلامات تدل على قلة النوم. كما تناولت استراتيجيات للتعامل مع هذه المشكلة، من خلال تنظيم أنماط النوم، وتبنّي ممارسات غذائية وصحية تدعم الحصول على راحة كافية، ما يسهم في الحفاظ على التوازن الجسدي والعقلي. اكتشفوا المزيد في المقابلة التالية:

ما هي أبرز المؤشرات لمشكلة قلة النوم، والتي ينبغي التنبّه لها خلال شهر رمضان الكريم؟

في شهر رمضان المبارك، من الضروريّ جداً الانتباه إلى علامات وأعراض قلّة النوم، إذ يؤثر تغيّر مواعيد تناول الطعام والنوم سلباً على جودة النوم والأنماط السليمة له. المؤشرات الأكثر شيوعاً لهذه المشكلة تشمل الشعور بالمزيد من التعب خلال النهار، وتقلّب المزاج، وتراجع القدرة على التركيز والتعامل الجيّد مع المعلومات والأوضاع. كما يمكن ملاحظة أنّ إنجاز المهام المعهودة يستغرق وقتاً أطول من اللازم، أو أنّ حالة النسيان باتت أكثر من المعتاد. من الناحية الجسدية، يمكن للمرء أن يشعر بالصداع، أو الدوار، أو بالإعياء بشكلٍ عام. هذه الأعراض هي عبارة عن إشاراتٍ مهمّة يرسلها الجسم، تُشير إلى حاجته للراحة، أو إلى تعديل النمط اليومي خلال شهر رمضان، للاستمتاع بنومٍ جيد.

كيف يمكن لاضطراب النوم أن يؤثر على الوظائف الإدراكية والمزاج والقدرة الإنتاجية للمرء عموماً؟

قد يكون لاضطراب النوم خلال شهر رمضان انعكاساتٌ شديدة التأثير على الوظائف الإدراكية، المزاج العام، والإنتاجية، إذ يُشكل النوم حاجةً أساسية لسلامة العمل الإدراكي وأدواته، مثل تنشيط الذاكرة والقدرة على حلّ أيّ مشكلة تواجهنا، واتخاذ القرارات الصحيحة. عدم انتظام أنماط النوم قد يؤدي إلى تراجع قدرة المرء على التركيز، إلى تباطؤ ردود فعله، وضعف قدرته في الحكم السليم على الأمور التي يتعرّض لها. هذه الاضطرابات الإدراكية قد تجعل المهام اليومية والاعتيادية تبدو أضخم أو أكثر صعوبةً في التعامل معها، وتزيد من احتمال ارتكاب الأخطاء. قلّة النوم تؤثر بشكلٍ كبير على الحالة المزاجية، ويمكن أن تؤدي إلى معاناة المرء من التوتر والقلق، أو إلى شعوره بتراجعٍ في المزاج، ما ينعكس سلباً على علاقاته الشخصية والمهنية. بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي الأثر التراكمي لقلّة النوم إلى تراجع الدافع والقدرة على الإنتاج، ما يؤثر بالتالي على الأداء في العمل والالتزامات الشخصية على حدٍّ سواء. هذا الأمر قد يجعل الفرد أكثر تأثراً بأعراض الإرهاق، وقد يُفاقم الأعراض التي سبق ذكرها. يمكن لمضاعفة الشعور بالضغوط نتيجة قلّة النوم والحالات النفسية المُفرطة خلال شهر رمضان، أن تصيب حتى الأشخاص بالشعور بالإرهاق نفسياً، عاطفياً ومهنياً، وحتى أولئك الأكثر مرونةً وقدرةً على التعامل مع مختلف المسائل. من هنا لا بدّ من تبنّي مسارات أو استراتيجيات تُساعد في التخفيف من هذه الحالة، من خلال الحصول على فتراتٍ كافية للراحة والتعافي وتجديد النشاط. بعض الأفراد يرون أنّ الالتزام بالواجبات الدينية التي يفرضها شهر رمضان الكريم يصبح أكثر سهولةً مع الاعتماد على رعايةٍ صحية تدعم هذه الممارسات، ونذكر هنا "عيادة الألب" التي توفّر بيئةً مؤاتية للممارسات الروحية والصحة البدنية معاً.

أيّ دورٍ يلعبه "التنظيم الهورموني" في النوم؟ وكيف يمكن للصيام أن يؤثر على مستويات "الميلاتونين" و"الكورتيزول"؟

خلال الشهر الفضيل، يلعب تغيير أنماط تناول الطعام والنوم دوراً مؤثراً جداً على "التوازن الهورموني" الذي يُعتبر أمراً شديد الأهمية لتنظيم دورات النوم، ويبرز هورمونا "الميلاتونين" و"الكورتيزول" بشكلٍ خاص في هذا الإطار. "الميلاتونين"، المعروف كذلك باسم "هورمون النوم"، يتمّ إنتاجه في العادة استجابةً للعتمة، ما يُساعد في إرسال إشارةٍ للجسم بأنّ الوقت قد حان للراحة. تغيّر مواعيد النوم المعتادة خلال شهر رمضان، والتعرض للضوء أثناء صلاة الفجر أو خلال تناول وجبة السحور، عوامل يمكن أن تؤدي إلى خفض إنتاج "الميلاتونين"، وتسبب بالتالي صعوبة في النوم خلال الأوقات المعتادة. أما "الكورتيزول" المعروف باسم "هورمون التوتر"، فيتّبع في العادة نمطاً يومياً، حيث يرتفع في الصباح الباكر ليعزّز الشعور باليقظة، ويتراجع بعدها على مدار ساعات اليوم. يمكن للصيام أن يُغيّر هذا الإيقاع، عبر تمديد فترة إفراز "الكورتيزول" في الدم حتى وقتٍ متأخر من الليل، ما يُبقي المرء يقظاً، في الوقت الذي ينبغي عليه الاسترخاء. يمكن لهذا الاضطراب أن يؤدّي إلى صعوبةٍ في الخلود إلى النوم والغوص العميق فيه.

ما هي الاستراتيجيات المثالية للحفاظ على برنامج نومٍ صحّيّ، حتى خلال صلاة الفجر ووجبة السحور؟

للحفاظ على برنامج نومٍ صحيّ خلال شهر رمضان، يُنصح باتباع نمطٍ ثنائيّ المراحل للنوم، يتضمّن النوم على فترتين: الأولى مباشرةً بعد العصر وقبل المغرب، والثانية بعد التراويح، وتمتد هذه الفترة حتى قبيل الواحدة من بعد منتصف الليل. مع وصول ليالي العشر الأواخر من شهر رمضان، تُقام صلاةٌ "قيام الليل" بين الواحدة والثالثة من بعد منتصف الليل، ويخصص الكثير من المسلمين هذا الوقت للعبادة وطلب الرحمة والبركات والثواب في هذه الليالي المباركة. النمط الثنائي يُوازن بين النوم والالتزام بالواجبات الدينية، مع تعزيزه الإيقاع الطبيعي للحياة اليومية. من المهمّ كذلك العمل على توفير البيئة المناسبة للنوم، ويكون ذلك عبر التخفيف من الضوضاء وخفض الأضواء في غرفة النوم، باستخدام ستائر معتمة وأجهزة تمتص الضجيج. بالإضافة إلى ذلك، من الضروري الحفاظ على مواعيد ثابتة للنوم والاستيقاظ، للمساعدة في الاستمتاع بنمط نومٍ مستقرّ طوال أيام الشهر الكريم، ما يُسهّل بالتالي التكيّف مع التبدّل الذي تشهده اليوميات المعتادة.

هل تساعد "القيلولة" في التعويض عن قلّة النوم؟ إذا كان الأمر كذلك، فما المدة والتوقيت المثاليان لها خلال شهر رمضان؟

تُعتبر القيلولة طريقةً فعّالة للتعامل مع قلّة النوم خلال شهر رمضان، ولاسيما في حالة اضطراب النوم ليلاً، إذ تُعزّز القيلولة القصيرة، أو "قيلولة القوة"، الشعور باليقظة وتنشّط الوظائف الإدراكية بصورةٍ ملحوظة، من دون التأثير سلباً على النوم ليلاً. من الأفضل أن تكون مدّة هذه القيلولة من ٢٠ إلى ٣٠ دقيقة، وأن نعتمدها في وقتٍ مبكر من بعد الظهر، حيث يتوافق هذا التوقيت مع الانخفاض الطبيعي للساعة البيولوجية لدى معظم الناس، ما يجعل منه الفترة المثالية لقيلولةٍ تعيد لنا الشعور بتجديد النشاط. إلى جانب ذلك، من الضروريّ جداً تجنّب القيلولة الطويلة أو خلال وقتٍ متأخر من النهار، لأنها قد تعيق القدرة على النوم ليلاً. خلال شهر رمضان المبارك تكون فرصة النوم العميق محدودة، ما يعني أنّ تحسين جودة النوم ليلاً، واعتماد القيلولة التي أشرنا إليها، يُساعدان في الحفاظ على توازن طبيعة النوم، ويمنعان الآثار التراكمية للنقص في ساعاته.

كيف تؤثر خيارات النظام الغذائي وشرب الماء خلال وجبتي الإفطار والسحور على جودة النوم؟

الخيارات الغذائية التي نعتمدها خلال وجبتي الإفطار والسحور تلعب دوراً مهماً جداً في تحسين جودة النوم خلال شهر رمضان. وفي هذا السياق، يُنصح بالتركيز على أن تحتوي هاتان الوجبتان أطعمةً غنية بالكربوهيدرات المركبة والبروتينات، كونها تساعد في الاستمتاع بالنوم العميق، عبر تحفيز هورمونات النوم، مثل "السيروتونين" و"الميلاتونين"، وتُعتبر أطعمةٌ مثل الحبوب الكاملة، العدس، المكسرات، البذور واللحوم الخالية من الدهون خياراتٍ ممتازة في هذا السياق. من الضروري كذلك تجنّب الأطعمة الثقيلة أو الحارة، وتلك الغنية بالدهون، لأنها قد تتسبّب في عسر الهضم، وبالتالي عدم الراحة التي تؤثر بدورها على طبيعة النوم. من المهم أيضاً أن نولي ترطيب الجسم العناية اللازمة، وهذا الأمر بالغ الأهمية، وخصوصاً مع ساعات الصيام الطويلة خلال شهر رمضان. فالجفاف قد يؤدي إلى اضطراباتٍ في النوم، لذلك من المهم شرب كميةٍ كافية من الماء بين وجبتي الإفطار والسحور، للحفاظ على مستوى الترطيب الصحي. في المقابل، من الضروريّ تجنب الإفراط في تناول السوائل قبل النوم مباشرةً، للتقليل من اضطرابات النوم الناتجة عن الحاجة إلى التبوّل ليلاً، والأجدى هو توزيع كمية السوائل بشكلٍ مدروس خلال ساعات الإفطار، ما يساعد في الحفاظ على مستوى الترطيب الجيد، من دون المساس بجودة النوم.

ما هي النصائح العملية للتقليل من اضطرابات النوم، مع الالتزام بالواجبات الدينية؟

في موازاة الالتزام بالواجبات الدينية، يتطلّب التقليل من اضطرابات النوم خلال شهر رمضان تخطيطاً استراتيجياً، والتزاماً واضحاً بقواعد النوم الصحية، ويُعتبر وضع برنامجٍ ثابت لهذه المسألة أمراً بالغ الأهمية. لا بدّ من الحرص على النوم والاستيقاظ في الوقت ذاته يومياً، حتى خلال عطلات نهاية الأسبوع، للمساعدة في تنظيم دورة النوم، كما أنّ اعتماد روتين هادئ قبل النوم- مثل القراءة أو الاستلقاء أو التأمل- يساهم في إرسال إشاراتٍ إلى الجسم بأنّ الوقت فد حان للاسترخاء والراحة. ومن الضروري كذلك تهيئة البيئة المناسبة للنوم، عبر التأكد من أنّ غرفة النوم هادئة ومظلمة ومعتدلة الحرارة، ولهذه الغاية يمكن الاستعانة بستائر معتمة، واستخدام سدّادات للأذن، أو جهاز لامتصاص الضوضاء والأصوات المزعجة. من المفيد أيضاً تجنّب الوجبات الدسمة ومادة "الكافيين" قبل النوم، لأنها قد تُسبب اضطراباً فيه.

كيف تؤثر قلّة النوم على صحة الأيض خلال شهر رمضان؟ وهل يمكن أن تنتج عنها عواقب طويلة الأمد؟

يمكن لقلّة النوم خلال شهر رمضان أن تؤثر بصورةٍ ملفتة على صحة الأيض، ما قد يؤدي إلى عواقب طويلة الأمد، ما لم يتمّ التعامل معها بالشكل الصحيح. يرتبط الحرمان من النوم بشكلٍ وثيق بالعديد من مشاكل الأيض، بما فيها زيادة مقاومة "الأنسولين"، ما قد يرفع من خطر الإصابة بداء السكري من النوع الثاني. إلى ذلك، يمكن للنوم المتقطع أن يسبب في تغيّر مستويات الهورمونات المسؤولة عن زيادة الشعور بالجوع والشهية لتناول أطعمة عالية السعرات الحرارية تحديداً، ما يساهم في زيادة الوزن. تغيّر أنماط تناول الطعام والنوم خلال شهر رمضان، قد يؤدي إلى تفاقم هذه المشاكل، فتناول وجبات الطعام في وقتٍ متأخر من الليل، وقلة النوم، هما من العوامل المسببة باضطراب إيقاع الساعة البيولوجية للجسم، والذي يتحكم بدورة النوم، الاستيقاظ وغيرهما من وظائف الجسم. هذا الاضطراب قد يؤثر سلباً في قدرة الجسم على معالجة "الجلوكوز" بفاعلية، ما قد يُرهق عملية الأيض بمرور الوقت.

بالنسبة إلى الذين يعانون من اضطراباتٍ سابقة في النوم، ما هي الاحتياطات الإضافية الواجب عليهم اتخاذها خلال شهر رمضان؟

يُشكل شهر رمضان فترة تحدٍ بالنسبة إلى الذين يعانون من اضطراباتٍ سابقة في النوم، وهي مسألةٌ تتطلب منهم إدارةً دقيقة لها، لضمان حفاظهم على صحتهم وعافيتهم طوال أيام الشهر الكريم. على الذين يعانون من حالاتٍ مثل الأرق، وانقطاع التنفس أثناء النوم، ومن متلازمة تململ الساقين، اتخاذ احتياطاتٍ إضافية لمنع تفاقم هذه الأعراض، نتيجة تغيّر مواعيد النوم وأنماط تناول الطعام المرتبطة بشهر رمضان. من التدابير الوقائية المهمّة التي ينبغي على هؤلاء اعتمادها، استشارة الطبيب قبل حلول الشهر الفضيل، لمناقشة التعديلات الممكن إدخالها على علاجاتهم وأدويتهم، بما يتناسب مع الصيام وأنماط النوم المتغيرة، وهذا الأمر قد يشمل تعديل توقيت أو مقدار جرعة الأدوية، لتتناسب بشكلٍ أفضل مع أوقات تناول الطعام، أو اعتماد تقنياتٍ محددة للاسترخاء، لتحسين جودة النوم. على عيادات الطب الداخلي، ومنها "عيادة الألب"، وضع برامج محدّدة لتحسين النوم، مخصصة للأفراد المعنيين بها قبل وبعد شهر رمضان المبارك، لمساعدتهم في تحقيق أفضل النتائج الصحية، وتجنّب أيّ آثارٍ جانبية.

عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.

الرشاقة