الإنسان كائن اجتماعي و بطبيعته يميل إلى التواصل مع الآخرين، يرجع هذا الشعور للعصور القديمة عندما كان خوف الرفض من المجتمع يمكن أن يشكل حرفياً تهديداً على حياة الإنسان. هذا الشعور الذي كان ينشأ سابقاً من القلق بشأن الاختلاف عن الآخرين أو عدم قبولهم في المجموعة والذي يتبع من رهبة الاستبعاد وعدم الانسجام يمكن أن يظهر اليوم على شكل الشعور بالوحدة. ومع ذلك، فكون الشخص وحيداً وشعوره بالوحدة يمثلان مفاهيم مختلفة تماماً. يمكن للفرد أن يجد الرضا والسعادة التامة في وحدته رغم أنه قد يشعر بالعزلة والوحدة عندما يكون محاط بين أفراد مجموعة حتى وإن كانوا من بين أحبته. الوحدة هي تجربة شخصية عميقة و يمكن أن تتمثل على سبيل المثال كحاجة الإنسان الطبيعية للماء. فعند شعوره بالعطش بديهياً يقوم بالبحث عن الماء، بينما عند شعوره بالوحدة يقوم بديهياً بالبحث عن طرق للتواصل مع الآخرين.
في هذا المقال، تشرح الأخصائية النفسية زها زبير في مركز ثرايف للصحة النفسية Thrive Wellbeing Centre: " في الواقع وجدنا أن كل من الرجال والنساء في دبي يعانون بنفس القدر من الشعور بالوحدة، ومع ذلك نجد أن النساء من الأسهل لهن إلى حدٍ ما أن يظهرن الضعف أو الصعوبة في بناء علاقات اجتماعية جديدة أو إعادة بناء علاقات اجتماعية قديمة مقارنةً بالرجال. وعندما نتحدث عن الرجال والوحدة، فإن الصورة النمطية المرتبطة بالوعي العاطفي والحاجة السائدة لكونهم "قويين ومستقلين" غالباً ما تكون عائقاً أمام اتخاذهم خطوات فعالة لمكافحة الوحدة."
إن واحدة من أصعب تجارب الوحدة تأتي غالباً عقب انتهاء علاقة عاطفية. الألم والحزن والعزلة واليأس تجتمع جميعاً ليشكلوا حالة عميقة من الضيق العاطفي. تشكل التوقعات التقليدية المتوقعة بخصوص دور الرجل و المرأة بالعلاقة بشكل كبير على كيفية تعاطي الرجال مع الوحدة بعد انتهاء العلاقة. هناك افتراض شائع بأن الرجال يتعافون بسرعة بعد انتهاء العلاقة ويرونها كالحرية، ولكن هذا أبعد ما يكون عن الحقيقة. وهنا تقول الأخصائية النفسية زها زبير :"بينما نجتاز هذه الفترة الصعبة من المؤكد أن تظهر علينا مشاعر الوحدة لكل يجب على كل منا أن يدرك هذه المشاعر و يتقبلها وعندما نشعر بأننا مستعدون لأخد خطوات جديدة يمكننا البدء بأنشطة فعالة للتغلب على هذه المشاعر".
- استمتعوا بالوقت بمفردكم: أهم خطوة هي أن تستمتعوا بالوقت بمفردكم. ليس هناك مئة صديق يمكنه أن يقدم لكم ما يمكنكم أن تقدموه لأنفسكم، امنحوا أنفسكم الوقت والاهتمام الذاتي إذا كنتم سعداء وراضين بقضاء الوقت بمفردكم. اقضوا وقتاً في القيام بالأشياء التي أردتم دائماً القيام بها مثل القراءة و الاستكشاف، أو انضموا إلى مجموعة تشارككم نفس الاهتمامات وأردتم دائماً الانضمام إليها، مارسوا الرياضة التي تحبونها، اخرجوا بمفردكم لتناول القهوة، و تذكروا أنه ليس هناك أي عائق يمنعكم من الانعزال لإعادة طاقتك الإيجابية لحياتكم اليومية.
- تواصلوا مع ثلاثة أشخاص جدد: النصيحة التالية قد تكون أكثر تحدياً. تواصلوا مع ثلاثة أشخاص جدد على سبيل المثال صديق قديم وزميل في العمل وشخص التقيتم به في تجمع ما، وتعرفتم إليه ولكن لم تتذكروا أن تتواصلوا معه. تذكروا أن الهدف هو فقط أن تخطوا هذه الخطوة الأولى دون أي توقعات.
- الشعور بالانتماء للمجتمع: إن كونكم جزءاً من مجموعة معينة، له تأثير إيجابي وأهمية كبيرة تماماً مثل بناء العلاقات الفردية مع الأشخاص. لا تخافوا من تجربة الرياضات أو الهوايات الجديدة مع مجموعة، حتى إذا لم تنجحوا في التحدث مع معظم الأشخاص هناك، فإن الشعور بالانتماء، التواصل وشيء ما تتطلعون إليه كل أسبوع يمكن أن يكون مفيداً للغاية. هنالك العديد من الطرق للانخراط في المجتمع يمكن أن تكون من خلال المجموعات التطوعية أو المجموعات الثقافية أو المجموعات المهتمة بالفنون. فهناك شيء يمكن أن يناسب الجميع في دبي!
وأخيراً، فإن شعور الوحدة هو إحساس يتملّك الإنسان ويستهلك طاقته ولا أحد يحب أن يواجهه. ورغم ذلك فإن إحصائيات تبين إنه واحد من أكثر التجارب الإنسانية شيوعاً و حزنّاً. إن الحزن الذي يرافق انتهاء العلاقة يكون بالفعل صعباً ومؤلماً بما فيه الكفاية، والوحدة التي تصاحبه تزيد من صعوبة الموقف. لذا كونوا لطفاء وصبورين مع أنفسكم وكونوا حنونين مع ذواتكم، وخذوا خطوات تتناسب معكم وتشعركم بالارتياح.
عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.