PI SLICE هي مِنصّة إلكترونيّة على شبكة الانترنت، تسهم في ربط مؤسسات تمويل عالمية بالراغبين في الحصول على قروض صغيرة، وذلك بالتعاون مع شركة Microworld.org في المنطقة وشمال أفريقيا .
المنصة هدفها كذلك إحداث تأثير اجتماعي، إذ إنها تُمكّن أصحاب المشاريع الصغيرة، الذين لا يتمكنون من الحصول على قروضٍ من المؤسّسات المصرفية الرسميّة في بلادهم، من بدء وتنمية الأعمال التجارية، والانخراط في الأنشطة ذات الدخل المالي، وبالتالي تغيير حياتهم الخاصة، إضافةً إلى حياة آخرين، وذلك بأن يصبحوا مُبتكرين لفرص العمل بدلًا من أن يكونوا باحثين عن عمل .
Gheir التقت جيني غنيمة المديرة المؤسسة والمديرة التنفيذية في PI SLICE، وكان معها الحوار التالي:
كيف تكوّنت لديك فكرة PI SLICE، وكيف أطلقت هذا العمل؟
في عام 2009 كنت قد افتتحت أول عمل خاص بي وكان عبارة عن استشارات مالية، ولكن أتت الأزمة الاقتصادية وخسر أحد شركائي كل أمواله، في ذلك العام قررت أن أنتقل إلى لندن لاستكمال الدراسات العليا. وبينما كنت في لندن في عام 2010، ذهبت برفقة أصدقاء لي إلى جبل كيلمنجارو. وقد كان لديّ شغف بالعمل في مجال القروض المتناهية الصغر، وهناك ساعدت أحد الأشخاص بأن منحته مبلغًا بسيطًا جدًا من المال. وهذا المبلغ على الرغم من صغره، فقد ساعده على إرسال ابنته إلى مدرسة خاصة، ومن هنا عادت فكرة العمل في القروض المتناهية الصغر إلى ذهني. وفي لندن، كنت أيضًا قد بدأت أهتمّ جدًا بالشركات التي تعمل على الشبكة الإلكترونية، وإحدى الشركات التي درستها، كانت شركة اسمها Zoppa، وهي تختصّ بمجال الاستدانة عن طريق الشبكة الإلكترونية. بمعنى أنه يمكن لأيّ شخص يحتاج إلى مبلغ معيّن من المال، أن يكتب طلبه، فيدينه شخص آخر المال من دون أيّ فوائد. وعندها، أدركت أن من الأجدى العمل على هذا المستوى تحديدًا من الدعم والقروض، فقدّمت خطة عمل عن هذه الفكرة للجامعة، ولم أكن أعرف أنها ستكون قابلة للتنفيذ والتطبيق، فقد كانت بحاجة لدعم حكومي وجهات نافذة أو مستثمرين كبار. لكن شاءت الصدف أن إحدى زميلات الدراسة كانت تعمل في مكتب الأميرة هيا، فعرضت الفكرة على الأميرة، التي أحبتها كثيرًا. ثمّ تقدّم أحد الشركاء من أبراج كابيتل عارضًا عليّ العمل معًا على الفكرة.
ابتكرتُ شراكة مع مؤسّسة Planet Finance غير الحكومية التي تعمل في مجال القروض الصغيرة في باريس، ولديها تخصّصات مختلفة، وقد قدّمت لي التقنيات اللازمة، ووضعتني على تواصل مع مختلف الجمعيات التي تعمل في مجال القروض الصغيرة. فـPI SLICE هي صلة الوصل بين المنظمات والمستدينين. ومن ناحية ثانية، يمكن للأشخاص بصفتهم الفردية التسجيل لدى PI SLICE ومن ثم اختيار تقديم القروض ابتداءً من 20 دولارًا وما فوق. لكنّ هذا يبقى قرضًا، بمعنى أن المدين يستعيد أمواله كاملةً مع الوقت. والنقطة الأهم هنا، هي أن القطاع الخاص يستطيع أن يساعد كثيرًا في مجال القروض المتناهية الصغر، فشركات كبيرة، مثل "دو" على سبيل المثال، يمكنها بمساعدتنا أن تبتكر صفحة خاصة بها على أحد المواقع الريادية، ومن ثمّ يمكنها أن تحدّد مبلغًا للاستدانة، ويمكنها إشراك جمهورها في هذه العملية، من خلال الإسهام في تقديم القروض أيضًا.
ما الذي أخذك إلى العمل في مجال المصارف؟
في الجامعة تخصّصت في مجال الهندسة المدنية وQuantum Physics، ولكنني لم أحبّ أبدًا العمل في مجال اختصاصي، لأنني لطالما كنت شغوفة بعالم التمويل، ولهذا السبب خضت الدراسات العليا في مجال الـFinance، وقد عملت بعدها في مجال الاستثمار المصرفي، وقد أصبح عملي اليوم مرادفًا لي ولكل ما أحببت أن أنجزه يومًا. الدراسة تعطيك الكثير من الأدوات الضرورية التي تحتاجين إليها لكي تعرفي كيف يمكنك أن تطلقي مشروعًا ناجحًا.
برأيك، ما الذي أوصلك حقًا لكي تطلقي فكرة ريادية وفريدة من نوعها؟ هل هي الكفاءة، الشغف، أم الخبرة؟
أمور كثيرة تساعد في هذا المجال. فعندما وضعت خطة العمل الخاصة بفكرة PI SLICE لم أكن أدري أنها ستكون قابلة للتطبيق، كانت مجرد حلم. وقد أصبحتُ حقًا مهتمّة بالتطبيق في كل مرة التقيت فيها بأشخاص وجهات أبدوا اهتمامهم بالفكرة. ففكرة PI SLICE بنت نفسها بنفسها، وقد وجدت نفسي منقادة مع التيّار، وتركت الأمور تأخذ مجراها إلى أن تحوّلت الفكرة إلى حقيقة. عندما عدت من لندن عملت في مصرف في مركز دبي التجاري العالمي، حيث توليت مهمة تطوير الأعمال في المصرف، ثمّ عرضوا عليّ أن يستثمروا في PI SLICE وأن أحتفظ في الوقت نفسه بوظيفتي في المصرف، فكان الحل المثالي. ولذلك أقول إن الأمر كان مقدّرًا له أن يحدث، فكل شيء كان يحثّني أكثر على المضيّ قدمًا في هذا المشروع رغم أنني لم أكن قد خططت بالفعل لذلك.
برأيك، نجاح أيّ مشروع يتطلّب فكرة مميّزة أم الكفاءة أم رأس المال أم اقتناص الفرص في وقتها المناسب؟
برأيي إن الأمر لا يتعلق فعلًا بهذه العناصر، بقدر ما يتعلق بضرورة الثقة بالمجرى الذي تقدّمه الحياة. فعلى سبيل المثال، لم أكن أحلم بالتعاون مع مؤسّسة دولية مثل Planet Finance، ومع ذلك، تلقيت اتصالًا منهم يطلبون فيه عقد تعاون في ما بيننا. كل ما حصل كان مقررًا له أن يحدث. وهو تمامًا كأيّ شيء آخر، على سبيل المثال، عندما يكون مقدّرًا لك أن تتزوّجي برجل معيّن دون بقية الرجال. الأمر كذلك يتعلق بكيفية تنفيذك لفكرتك ومشروعك. فقد تكون لديك فكرة عادية ورائجة، لكن طريقة تطبيقها بشكل مبتكر وغير اعتيادي هي ما يصنع الفرق ويجعلك ناجحة دون الآخرين. أما التمويل، فيأتي في مرتبة تالية، لأنه ما إن تقومين بعمل مبتكر، حتى تجذبي إليك الكثير من رؤوس الأموال.
إذًا تعتبرين نفسك محظوظة؟
كلا، فأنا لا أؤمن بالحظ. وأنا أرى الكثير من رجال الأعمال الذي يعتقدون أنهم في مركز القيادة، وقد يكون الأمر صحيحًا، لكن بالنسبة لي، فأنا لستُ مَن يقود، بل الأمور والظروف هي التي أوجدت نفسها، وما فعلته كان فقط أنني وثقت بما كانت تقدّمه لي الحياة. كما أنني لم أستسلم أبدًا، حتى عندما كانت الحياة تقسو عليّ أحيانًا. لذلك فإن الأمر لا يتعلق بالحظ أو بالذكاء، على الأقل بالنسبة لي.
تعتقدين أن وجودك في دبي هو ما فتح الطريق أمامك؟
من دون أدنى شك، فمشروع PI SLICE ما كان ليرى النور أو ليحقق النجاح والاستمرارية لو كان في أيّ بلد عربي آخر. فدبي هي موطن الأدمغة وأصحاب الأفكار الخلّاقة. فبهدف نقل فكرة PI SLICE من الحيّز النظري إلى التطبيق، كنت بحاجة للعديد من الخبرات، وقد كان كل شيء على بعد اتصال هاتفي فقط مني. ومن ناحية ثانية، تستقطب دبي أعدادًا كبيرة جدًا من المستثمرين، فعادةً ما تبدأ المشاريع في بقية الدول العربية، لتنتقل خلال ستة أشهر تقريبًا إلى دبي. فهي أرض تحقيق النجاح والنموّ المهني لكل صاحب طموح.
كونك امرأة في بلد عربي، هل زاد العراقيل أم على العكس سهّل عليك كل شيء؟
بل سهّل الأمور عليّ كثيرًا، ولا أعرف إن كان الأمر له علاقة بكوني امرأة أم بشخصيتي، فقد استطعت التعاون مع شخصيات بارزة لا يسهل الوصول إليها عادةً. ربما لأنه بحضور النساء، يعتقد الرجال أنهنّ خارج المنافسة، ولذلك لا يتردّدون في فسح الطريق أمامهنّ. وباعتقادي إن الرجال، لاشعوريًا، لا يأخذون النساء على محمل الجدّ في مجال العمل.
ما هي الميزات التي يجب أن تتمتّع بها أيّ سيدة لكي تحقق النجاح؟
برأيي، إن أول حاجز يحول دون نجاح السيدات، يتجلّى في الخوف من الإقدام على أيّ شيء جديد، أو القيام بالخطوة الأولى في مسيرة الألف ميل. من المهم جدًا أن تكون السيدة قادرة على وضع خطة العمل بحرفية ودقة، وأن تتخلّى عن الخوف وتثق أكثر بنفسها وبقدراتها.
البعض يقول إن الإنسان الناجح هو الذي يرفض وضع حدود لنفسه. هل توافقين؟
على المستوى الشخصي أوافق، ولكن ليس على المستوى المهني، لأنه عندما يتعلق الأمر بالعمل، كل شيء يجب أن يكون محسوبًا ومدروس النتائج، ومن الضروري اتباع خطة عمل قابلة للتعديل لتنظيم كل الخطوات. كما يجب على الطموح أن يكون واقعيًا، وإذا لم يحب الشخص ما يقوم به من عمل، فلن ينجح به أبدًا.
ما هي مشاريعك المستقبلية؟
أطمح لأن أجعل PI SLICE جزءًا من مركز دبي التجاري العالمي، ولذلك، طرحنا 30% من الأسهم للشركاء الجدد، وقد كان لديّ في رأسي بعض الأشخاص الذين كنت أرغب في العمل معهم، لكن الأمر لم يتمّ على النحو الذي أردته. لكن النتيجة كانت عبارة عن مالكي أسهم مميّزين وأفضل مما كنت أتوقعه.