من 6 سبتمبر وحتى 7 ديسمبر المقبل، تستضيف مؤسسة إشارة للفنون معرض "الهشاشة والصلابة"، وهو أول معرض فردي شامل لعائشة سلطانة في منطقة الخليج.
يحاول المعرض استكشاف التوازن الدقيق بين نقاط الضعف والقوة في كوكبنا ونحن نخطو في القرن الواحد والعشرين. وفي تحدٍ للثنائيات التقليدية التي تفصل بين مفاهيم الهشاشة والصلابة، تقترح سلطانة أن الهشاشة يمكن أن تكون شكلًا من أشكال القوة، وفي الوقت نفس تشمل حالة من الضعف العميق. هذا الاستكشاف الموضوعي يكتسب أهمية خاصة في عالمنا المعاصر، إذ تواصل الاضطرابات الاجتماعيّة والبيئيّة والشخصيّة اختبار حدود الاستدامة.
يضم المعرض مجموعة متنوعة من الأعمال الفنية التي تشمل الكشف لأول مرة عن منحوتات سلطانة الزجاجية المنفوخة يدويًا، ويقدم المعرض لوحات زيتية جديدة، ألوان مائية على ورق الحرير الياباني، وأعمال على ورق مطلي بالطين، بالإضافة إلى تجاربها الفوتوغرافية السابقة. كما يقدم لمحة نادرة عن مسار سلطانة الابداعي من خلال تضمين كرّاسات الرسم الخاصة بها ومذكراتها وأعمالها الفنيّة قيد التنفيذ ومقطع فيديو غير مكتمل.
تم تصميم معرض "الهشاشة والصلابة" ليقود الزوار في رحلة من الاكتشاف والتأمل، إذ ينقسم المعرض إلى ثلاثة أقسام، كل منها ينتقل بسلاسة إلى الآخر. ويمكن للزوار التفاعل بشكل كامل مع الخصائص الفريدة والاختلافات الموضوعية الدقيقة لكل مجموعة من الأعمال أثناء تجربة العرض ككل متماسك.
عند دخول الزوار إلى مؤسسة إشارة، يواجهون منحوتات سلطانة الزجاجية المنفوخة يدويًا على منصة مرتفعة. يجسد كل عمل في هذه السلسلة الازدواجية التي يعبر عنها عنوان المعرض، إذ ترتبط ارتباطًا عميقًا بالجسم البشري، لإن تشكيلها النهائي يتطلب أنفاس نافخ الزجاج. تجسد عملية صنع هذه المنحوتات التجاذب و التنافر بين الهشاشة والقوة، إذ يكون الزجاج في حالته المنصهرة مرنًا ويتصلب عند التبريد. وتشبه المنحوتات بأشكالها العضوية قطرات الماء أو الأعضاء الشفّافة أو فقاعات الهواء التي قد تنفجر عند أدنى لمسة.
تحيط بمنحوتات سلطانة أعمال من سلسلتها "عد الأنفاس" التي بدأتها في عام 2018، إذ يتم خدش علامات بأشكال وأحجام وأعماق مختلفة على ورق مطلي بالطين، تزامنًا مع أنفاس سلطانة في لحظات مختلفة من حياتها. هذه اليوميات الحميمة لتجاربها الشخصية، المسجلة من خلال الفعل غير الواعي للشهيق والزفير، تُعد بمثابة عمل أدائي يجسّد التجربة المتوترة التي عاشتها البشريّة منذ بداية الجائحة، فقد كان كل نفس ثمينًا للحفاظ على الحياة وفي الوقت نفسه مهددًا للآخرين. الطين مادة ترتبط بالأرض، والورق بالأشجار، مما يخلق تفاعلًا فريدًا بين هذه العناصر.
تتداخل مع سلسلة "عد الأنفاس" أعمال من سلسلة "عتبة" التي أُنشأتها سلطانة لتخليد ذكرى وفاة والدها في عام 2008. تتكون السلسلة من صور فوتوغرافية التقطها والدها في الثمانينيات والتسعينيات خلال مهامه كضابط في القوات الجوية البنغلاديشية في جنوب آسيا ومنطقة الخليج والولايات المتحدة، بالإضافة إلى صور التقطتها سلطانة أثناء رحلاتها في سنوات لاحقة. يصبح التمسك بالصورة في مواجهة الطمس موضوعًا مركزيًا في هذه الأعمال، إذ تتعرض المناظر الهادئة للمدن والمناظر الطبيعية لتأثير الشمس والخدش. الخدوش تعطل إدراك المشاهد للصورة الفوتوغرافية، رمزًا لبصمة الزمن على المناظر الطبيعية والأجساد والعمارة.
الورق الحريري في سلسلتي "الميازمات" و"سكن أجسادنا" لسلطانة (المعروضة في القسم التالي من المعرض) يُعد اختيارًا مؤثرًا للوسيط، يجسد الضعف والزوال والسيولة. الورق الحريري، بطبيعته الرقيقة والشفافة، يتمزّق بسهولة ويتلف ويذوب ويتناثر. ومع ذلك، تحوّل سلطانة هذا الوسيط الهش إلى وسيلة للتعبير الفني تستحضر صورة البشرة واضطراب البحر. في تقليد الممارسات الفنية النسوية، تُذكر هذه الأعمال التجريدية بالبقع وبرك السوائل والجلطات الدموية والنوى المجهرية – والتي تؤكد جميعها على الحياة. تمتلك الأعمال الناتجة قوة هادئة، تتحدث عن جماليات الجسد والنظام البيئي الذي يسود على الرغم من الدمار.
يميز هذا المعرض تضمين كراسات الرسم الخاصة بسلطانة، ومذكراتها، وأعمالها قيد التنفيذ، ومقطع فيديو غير مكتمل. تقدم هذه الوثائق والتحف، المرتبة على طاولات عبر الطابق النصفي في إشارة، لمحة نادرة وحميمة عن مسارها الفني. وتكشف عن التخطيط الدقيق والتجريب والاستثمار العاطفي الكامن وراء كل قطعة مكتملة، مما يسلط الضوء على الهشاشة والصلابة الكامنة في جميع الأعمال الإبداعية. هذه المواد بمثابة شهادة على استعداد الفنانة لاحتضان المجهول و ما هو غير مكتمل. يعكس المعرض الانسيابية والانفتاح اللذين يميزان نهج سلطانة في الفن، مما يتيح للمشاهدين فرصة أن يشهدوا مراحل رحلتها الابداعية الغير مصقولة.
عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.