على الرغم من أن عرض شانيل لخريف وشتاء 2025-2026 كان ثاني مجموعة تُقدَّم دون إشراف أي مدير إبداعي بعد مغادرة فيرجيني فيارد، إلا أنه جاء مذهلاً بكل المقاييس. ففي ظل غياب رؤية إبداعية جديدة واضحة، تولى فريق الدار مسؤولية تقديم مجموعة مميزة، ونجحوا فيها في الحفاظ على هوية شانيل العريقة مع تقديم لمسات مبتكرة جعلت العرض متماسكاً وأنيقاً إلى حد الإبهار. ومع ترّقب الجميع لأول مجموعة من توقيع المصمم الجديد ماثيو بلازي في أكتوبر المقبل، أثبتت هذه التشكيلة أن دار شانيل قادرة على الاستمرار بقوة حتى في الفترات الانتقالية.
عقدة الفراشة تكرّس الأنوثة الطاغية
بحضور عدد من المشاهير من بينهم شارلوت كاسيراغي، كاميلا كابيلو، داكوتا فانينغ وجسيكا ألبا، افتتح العرض اليوم الأخير من أسبوع الموضة في باريس وسط أجواء مترفة، حيث استلهمت المجموعة من عنصر بسيط لكنه قوي: الشريط الأسود اللامع، حيث ظهر هذا العنصر في تفاصيل مختلفة، بدءًا من دعوات العرض المزينة بعقدة ساتان، وصولًا إلى ديكور مذهل داخل Grand Palais، حيث ارتفعت أشرطة ضخمة تلتف نحو السقف.
هيمنت اللمسات الأنوثية الناعمة على التشكيلة، إذ زينت أشرطة الساتان سترة تويد مستوحاة من الأزياء العسكرية، بينما أضفت العقد المزينة لمسة راقية على الأكمام المنتفخة لتونيك من الأورغانزا السوداء الشفافة. كما برزت أنماط الأشرطة وعقدة الفراشة في بعض التصاميم، مثل الفساتين التي جاءت بنقوش تُحاكي شعار شانيل المترابط CC، إلى جانب قطع تميزت بقصات مستوحاة من الشرائط الملتفة، ما أضفى طابعاً معاصراً على الكلاسيكية المعهودة للدار.
لكن المفاجأة الحقيقية تجلت في استخدام الخدع البصرية والأبعاد المتغيرة لإضفاء لمسات سريالية على الإطلالات. عل سبيل المثال، أضافت طبقات التول الشفاف إحساساً بالحركة على بدلات التويد، مثل سترة وردية بأكمام قصيرة مع شورت مطابق، وطبقة شفافة تمتد حتى الكاحل. كما لعبت الدار على تكرار نفس القماش ضمن إطلالة كاملة، حيث استُخدم التويد الأحمر القرمزي في تصميم سترة، تنورة ملتفة وسروال واسع، إلى جانب قبعة، قفازات، حقيبة، وأحذية متطابقة، مما خلق تأثيراُ بصرياُ مذهلاً.
فيضٌ باهر من الإكسسوارات
كانت الإكسسوارات تشكل النقطة الأكثر تألقاً في المجموعة، حيث جسدت حيوية الرؤية المستقبلية لرموز الدار. من بين القطع التي لا تُنسى، برزت حقيبة كروس تجسّد سلسلة ضخمة من اللؤلؤ الذي يُعتبر من رموز شانيل الخالدة، إلى جانب حقيبة أخرى جاءت على شكل لؤلؤة عملاقة ذات مقبض فضي أنيقة. أما الحقائب الصغيرة فجمعت بين الأناقة والعملية بأسلوب عصري، في حين تم تحديث التصاميم الكلاسيكية بمواد وخامات مبتكرة أضفت عليها طابعًا متجدداً.
وقد عادت بعض التفاصيل الجريئة التي لطالما ميّزت شانيل تحت إشراف كارل لاغرفيلد، مثل الحقائب المصغرة جداً التي تشبه بيضة صغيرة، بالإضافة إلى اللؤلؤ العملاق الذي زيّن كعوب الأحذية في تصاميم من المتوقع أن تصبح قطعاً أيقونية لهواة الجمع. كل هذه التفاصيل جعلت العرض واحداً من أجمل مجموعات أسبوع باريس للموضة، كما جعلت الكثير من عشاق العلامة، يترقّبون بشغف كبير، لحظة طرح هذه التصاميم والإكسسوارات في بوتيكات العلامة لاقتناء أجملها والتألق بها في المناسبات المختلفة.
أخيراً، ومع انتظار دخول ماثيو بلازي المشهد، تترقّب الأوساط الإبداعية رؤية كيف سيضفي بصمته على إرث شانيل العريق. وإذا كان هناك درس يمكن استخلاصه من تصاميمه الأخيرة قبل الانضمام إلى شانيل، فهو أن المزج بين الفخامة والجرأة في السرد البصري يمكن أن يفتح آفاقاً جديدة أمام العلامة. وبالتأكيد، عشاق شانيل يتطلعون إلى رؤية هذا السحر الإبداعي ينعكس في عروض الدار المستقبلية.
عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.