شكّل عرض لويس فويتون لمجموعة خريف وشتاء 2025-2026 لحظة ساحرة من لحظات أسبوع الموضة في باريس، بل يمكن القول إنه أحد أفضل العروض التي شهدتها العاصمة الفرنسية لخريف وشتاء 2025-26. في كل موسم، ينجح نيكولا غيسكيير في تقديم تجربة آسرة، لكن هذه المرة، تفوّق على نفسه ووقّع واحدة من أقوى مجموعاته على الإطلاق.
بلمسة سينمائية حالمة، احتضن غيسكيير إرث الدار وأعاد إحياء نقطة انطلاقها: عالم السفر. لم يكن اختيار موقع العرض—مبنى L’Étoile du Nord المُجدّد، الذي كان يضم سابقاً شركة سكك حديدية—مجرد خلفية، بل كان جزءاً من الرواية التي نسجها المصمم، حيث تحولت الساحة الفسيحة إلى محطة قطارات نابضة بالحياة، مليئة بالمشاعر والتناقضات التي ترافق الرحلات: ترقب الوصول، حماس المغادرة، الأمل، الحنين، واكتشاف المجهول.
وكما هي العادة مع غيسكيير، لم يكن الإلهام حرفيًا بل تجريدياً وعاطفياً. التقط المصمم هذه المشاعر وترجمها إلى إطلالات تجمع بين الرقي والعملية، بين الأنوثة القوية والمغامرة الجريئة. رأينا فساتين مخملية ناعمة تعكس صورة السيدات الراقيات، وشورتات برمودا وسراويل واسعة تكمل إطلالة الشابات الباحثات عن مغامرات جديدة، إلى جانب معاطف الترانش الشفافة، والباركا، والجمبسوت، ومعاطف الفرو والجلد. الرومانسية تجلّت في الكشاكش المتعددة، والتايورات الأنيقة، والكنزات الصوفية ذات الأكتاف العريضة، بينما أضفت الفساتين الانسيابية بطبعات الأزهار لمسة من الحنين والرقة.
الإكسسوارات كانت قصة بحد ذاتها، حيث حملت العارضات قطعًا تحاكي أمتعة المسافرين: صناديق القبعات، صناديق الكمان، صناديق الزينة، وبالطبع حقيبة Keepall الأيقونية، إضافة إلى الأوشحة الحريرية التي زادت من الطابع السينمائي للمجموعة. أما لوحة الألوان فتنوعت بين الأسود الكلاسيكي، الأحمر الكرزي، الأزرق السماوي الفاتح، وظلال البيج والبني التي تعكس الدفء والراحة.
عرض لويس فويتون هذا الموسم لم يكن مجرد عرض أزياء، بل تجربة حسية متكاملة تنقلنا إلى عالم من الخيال والمغامرة. غيسكيير، مرة أخرى، يثبت أنه أحد أكثر المصممين قدرة على مزج الإبداع بالتاريخ، وأنه يعرف تمامًا كيف يخلق لحظات تبقى محفورة في ذاكرة الموضة.