شكلت عروض الهوت كوتور لخريف وشتاء 2023 هذا العام، محطة متميزة بالنسبة إلى عشاق الأناقة الراقية، ولصناعة الموضة عموماً، إذ بدا من خلالها وكأن المصممين أجمعوا على توجه واحد، وهو العودة إلى رومانسية الموضة والزمن الجميل، من خلال تصاميمهم التي جاءت غنية بالملامح الارستقراطية والتفاصيل الأنثوية التي ترمز إلى الجمال.
فموسم بعد آخر، بات المصممون يحرصون على تحميل مجموعاتهم، رسائل عميقة ومهمة. من ضرورة العودة إلى الأصول وإلى البدايات، إلى أهمية الحفاظ على الحرف اليدوية، ومن مناصرة القضايا الإنسانية الملحّة، إلى ضرورة مواكبة التغيير الذي تشهده مجتمعاتنا في عصر السرعة والفضاء الرقمي. كل هذه القضايا وجدت طريقها إلى عروض الهوت كوتور الأخيرة من بينها عروض Dior وChanel وArmani وإيلي صعب وValentino، والتي لاحظنا فيها، تركيزاً كبيراً على الفساتين ذات التصاميم الأنثوية الناعمة، والتي تذّكرنا بالزمن الرومانسي الذي ساد في من أوائل القرن العشرين وحتى منتصفه تقريباً، حيث كانت فساتين السيدات مليئة بملامح الأنوثة وغنية بالتفاصيل العذبة والقصات الرومانسية.
ولهذا لاحظنا تكرر أنماط محددة من الفساتين في العديد من العروض، مثل الفستان الملون المزموم على الخصر، والمرفق بكاب أو بمعطف طويل تميز بخطوطة المستقيمة وقصته الواسعة، والفستان الناعم باللون الواحد، مع الكمين المنفوخين والخصر الرفيع، إلى جانب الفساتين المزدانة بالشيفون على شكل كشكش ناعم، والفساتين المزينة بالورود المصنوعة بتقنية 3D ، فضلاً عن الفساتين ذات الكتفين المنخفضتين، والفساتين المزينة كلياً بالتطريز اليدوي الأنيق.
التفاصيل الرومانسية ظهرت أيضاً في الفساتين المزدانة بالعقود الملونة الجميلة، وفساتين الـMidi الناعمة، فضلاً عن الكابات المطرزة والكثير من الخامات الراقية، من بينها الكريب والأورغانزا والتول والدانتيل.
ويمكن القول، إنه في ظل اشتداد حدة الأزمات التي نعيشها اليوم، ومع طغيان الماديات والتوجه أكثر فأكثر للاعتماد كلياً على الثورة الرقمية، تأتي صناعة الأناقة لتعيدنا قليلاً إلى الوراء، وتذّكرنا بالجانب الإنساني الجميل الذي يكاد يغيب عن عالمنا اليوم. فكل هذه الفساتين ما كانت لتُعد "فساتين هوت كوتور"، لولا الأيدي العاملة التي شاركت في تنفيذ كل قطبة فيها وكل تفصيل، ولولا الأفكار الخلّاقة التي تقف وراءها وتمنحنها فرادتها.
عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.