في الفترة الممتدّة بين 10 و25 يونيو، أقامت علامة ريتشارد ميل Richard Mille الدورة الأولى من سباق القوارب الكلاسيكية القديمة باسم "كأس ريتشارد ميل" بهدف الإبحار عبر التاريخ، وبثّ الروح في هذه الحرفة الراقية.
لقد دُعيتُ لحضور فعاليّات هذا السباق الذي أقيم في مدينتي فالموث البريطانية ولوهافر الفرنسية، مرورًا بمحطات لطالما اشتهرت في عالم الإبحار، مثل Dartmouth وCowes، وكان الهدف من "كأس ريتشارد ميل" استعادة روح سباقات اليخوت البريطانية التي سادت في حقبة ما قبل الحرب، إذ كانت الغاية من القوارب التي تمّ تصميمها في أوائل القرن العشرين اختبار متعة الإبحار السريع.
تجربة لن أنساها أبداً
بالطبع كنتُ سعيدة جدًا عندما تلقيتُ الدعوة لحضور هذا السباق. فأنا شغوفة بالتجارب الجديدة، كما أحبّ أن أشارك قرّاءنا الكثيرَ من التفاصيل الممتعة والملهمة لهم.
سافرت من دبي إلى لندن للإنضمام إلى طاقم أحد القوارب الشراعية الـ 12 الذي انضم إلى الدورة الأولى من سباق القوارب الكلاسيكية القديمة باسم "كأس ريتشارد ميل"، ومن لندن سافرنا مدة ساعتين إلى ميناء Cowes، فقد أخذنا قاربًا صغيرًا للوصول إلى قارب ATLANTIC والإبحار فيه، وهو قارب بطول 63 مترًا، وصُمم ليكون نسخة مطابقة لقارب 1903 ATLANTIC. حصلتُ على جناح جميل رفيع المستوى، وانضممتُ إلى فريق ريتشارد ميل إلى جانب 12 بحّارًا لعبور القناة الإنكليزية في المحيط الأطلسي وصولاً إلى لوهافر في فرنسا.
لا يمكنني أن أصف مدى الحماسة التي كانت تعتريني. فقد كان كلّ شيء جديدًا بالنسبة لي، وكنت متشوقة لمعرفة كيف يعيش البحّارة أيامهم على متن هذه القوارب التي كانت مخصصة للنُخبة في القرن الماضي. وهكذا، فقد انضممتُ إلى التحدي في مرحلته الأخيرة، وكان السباق الأكثر إثارةً لعبور المحيط الأطلسي، فقد استغرقت رحلتنا 24 ساعة من السباق المتواصل من دون توقف، وكان القبطان يأمر بحّارته باتباع الرياح حتى يتمكنوا من التنافس والمضي بشكل أسرع، فقد كنا نواجه العديد من القوارب الأخرى التي كانت تتسابق أيضًا للفوز بهذه الكأس.
ولكن المفاجأة أن هذه التجربة لم تكن تجربة رياضيّة فحسب، بل حظينا خلالها أيضاً بفرصة تناول أشهى الأطباق التي أعدّها طاهٍ متمرّس رافقنا خصيصًا لهذه المَهَمّة، وكانت الخدمة رفيعة المستوى جعلتنا نشعرُ بالكثير من الدلال.
وأنا شخصياً حرصتُ خلال هذه التجربة الفريدة، على أن أتحدث مع منظم السباق والقبطان لأفهمَ جميع قواعد سباق القوارب الشراعية، السباق الذي شاركت فيه قوارب صغيرة، وأخرى كبيرة الحجم، وكنتُ أيضاً متشوقة لمعرفة كيف يمكن احتساب وقت السباق وتحديد الفائز النهائي بهذه الكأس.
لقد حالفنا الحظ مع بعض الرياح وكان ميل القارب 20 درجة مما جعلنا نُبحر بسرعة، غير أننا في مرحلة ما، قررنا الاستمتاع بغروب الشمس المذهل الذي استمر لساعات قبل أن يحلّ الظلام، وعندها تبدّل شكل المحيط ليضبح أشبه بالمرآة، ولهذا لم نتمكن من الإبحار بسرعة كما كانت الحال بالنسبة للبحارة الآخرين أيضاً، بل قررنا الاسترخاء والاستمتاع بعشائنا وبأخذ قسط وافر من النوم.
ولكن في الصباح التالي استيقظنا في فرنسا، وتوجهنا إلى ميناء لوهافر الذي غادرناه إلى دوفيل لقضاء الليلة ولحضور حفل توزيع الجوائز في اليوم التالي!
فعلًا إنّ دهشتي لكبيرة، فقد حلّ قارب ATLANTIC في المرتبة الثانية خلال إعلان قائمة الفائزين، لقد أبلينا بلاءً حسنًا! في حين فاز قارب ماريتا بالسباق، فقد قاده طاقم يمارس هواية الإبحار منذ 20 عامًا، فالخبرة أساسية جداً في مثل هذه البطولات.
وأخيراً، أمضينا فترة بعد الظهر نحتفل مع البحارة الآخرين بنهاية الدورة الأولى من سباق ريتشارد ميل هذا، والذي سأتذكره حتمًا ما حييتُ.
إحياء الماضي من جديد
مع هذه الدورة الأولى التي استمرت أسبوعين، يعيد كأس ريتشارد ميل زيارة مواقع سباقات القوارب التي عرفت المجد في حقبة ما قبل الحرب. فالسباق، عبر القناة الإنكليزية، أشبه برحلة عبر الزمن، حيث حدثت أولى سباقات اليخوت الكبيرة في التاريخ على هذا المسطح المائي. ولتعزيز هذا التجديد للتقاليد، قامت مجموعة من أندية اليخوت المرموقة ذات التاريخ العريق بدعم هذه المنافسة غير المسبوقة.
لقد حرص كل من نادي رويال كورنوال في فالماوث، ونادي Royal Dart لليخوت في Dartmouth، وسرب اليخوت الملكي الحصري في Cowes الذي تأسس في عام 1815، على فتح أبوابها لليخوت والأطقم المتنافسة. وبحسب وليام كولير، منظم كأس ريتشارد ميل: "فقد أعادت كأس ريتشارد ميل إلى الحياة جزءًا من حلبة سباقات ما قبل الحرب. لقد تم استضافتنا من قبل أندية اليخوت، وتسابقنا في الدورات التدريبية التي تم تصميم اليخوت المشاركة للمنافسة عليها... لقد فتحت كأس ريشارد ميل بُعداً جديداً في سباقات اليخوت الكلاسيكية".
وفيما خصّ درع التكريم لكأس ريتشارد ميل، فقد جرى تصميمها لدى صانع المجوهرات البريطاني المرموق "جيرارد"، لجعلها تليق بالكأس الرفيعة المستوى. وقد اشتهرت دار "جيرارد" البريطانية العريقة بعملها مع الأسرة الملكة البريطانية على مدى 300 عام الماضية، وعُرفت بتصميم جوائز رياضية مثل كأس أميركا الأولى منذ 170 عاماً. ويجسّد العمل الفني الذي يبلغ ارتفاعه مترًا واحدًا، الأشكال الدراماتيكية للأشرعة المهيبة المنشورة في وجه الرياح. وقد حصل الفائزون على نسخ طبق الأصل من الدرع المصنوعة يدوياً لدى "جيرارد" ولكن بطول 40 سم.
كلمات مفتاحيّة:
صور سفر،
سفر ،
عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.