مع اقتراب موعد افتتاح أكسبو دبي 2020 في أكتوبر المقبل، أكملت النمسا أخيراً أولى مراحل بناء جناحها في إكسبو 2020 دبي، حيث ارتفع مخروط يبلغ قطر قاعدته سبعة أمتار عالياً، فيما سيُبنى على مدى الشهرين المقبلين 37 مخروطاً آخر على مساحة 2400 متر مربع ليُشكِّلوا معاً كتلة الجناح بالكامل. ستُقطَع المخاريط بارتفاعات مختلفة تتراوح بين ستة أمتار و15 متراً لتتشابك معاً. ويستخدم هذا المفهوم المعماري الطموح الشكلَ الهندسي المخروطي البسيط لإنشاء بناء على شكل مجمع قوامه مساحات تتداخل فيما بينها.
لكن لماذا اعتُمدت هذه المخاريط؟ وما هو الهدف منها؟
تتميز هذه المخاريط في موقع إكسبو 2020 دبي بأنها مفتوحة من طرفها العلوي، مشكّلةً " ما يشبه قسماً خارجياً". على أن الفتحات المشرئبة نحو السماء لا تخلق في الداخل مؤثرات فريدة يتزاوج فيها الضوء مع الظل فحسب، بل هي مظهر رئيس من مظاهر مفهوم المناخ. وإذ هي تستوحي أبراج الرياح المستخدمة في الهندسة المعمارية العربية التقليدية، فإن الاختلافات في ارتفاعات المخاريط تعمل على توليد تيار هوائي بارد على نحو مستمر. وإذا أضفنا إلى ذلك كله التهوية الليلية والكتلة الحرارية العالية للمخاريط، لرأينا أن ذلك يولّد، في منطقة الحدث، جواً لطيفاً داخل الغرفة باستخدام الوسائل الطبيعية. لقد بُنيَت المخاريط من البيتون وتكحّلت أطرافها من الداخل بالطين، ما يساعد على خفض درجة الحرارة بفضل الخصائص الفيزيائية الفريدة. وإضافة إلى ما سبق، يعمل الطلاء الأبيض للمخاريط من الخارج كذلك على التقليل من الانتقال الحراري. وفي المدخل، تشكل الخضرة الكثيفة سطحاً ظليلاً، كما أن النباتات تعمل على تلطيف الجو في منطقة الجناح ذاتها. ويجري على نحو خاص انتقاء النباتات القليلة الاستهلاك المائي للجناح.
الهندسة المعمارية المبتكرة والنموذجية
يوفر التصوّر الحاذق للمناخ تبريداً ميكانيكاً للجناح. وسيشعر المرء بلطافة جو الغرفة في الجناح النمساوي حتى أثناء فترات الجو الحار، وسيحتاج البناء إلى طاقة أقل بـ70% من البناء التقليدي الذي يعتمد التحكّم بالمناخ. هذا، وقد أجريت دراسة مسبقة لموقع المخاريط بالضبط باستعمال محاكيات الكمبيوتر على نطاق واسع، وجرى اختبار ردة فعل البناء تجاه المؤثرات الحرارية-الديناميكية في ظل شروط أشبه ما تكون بالطبيعية. "يشكل الموقع بالنسبة إلينا محدداً أساسياً من محددات إشادة البناء. لقد فحصنا، عند وضع تصورنا المعماري للبناء، طرق تحسس البناء للمناخ في العالم العربي. ونحن نستفيد من هذه المعرفة ونزاوج بينها وبين الهندسة المناخية الحديثة. يتمثّل هدفنا في إشادة بناء مستدام لا يستهلك من الموارد إلا قليلها ويسهل تفكيكه بعد ختام الحدث"، هذا ما أكده جيرد إيرهارت من الشركة المعمارية كويركرافت..
وتماشياً مع مبدئها الإرشادي في "إعطاء مساحة رحبة للناس" فقد نفذت الشركة النمساوية العديد من أماكن السكن، والمكاتب، وأبنية المتاحف، ومن بينها الكثير من المشاريع التي حصدت العديد من الجوائز.
يجعل استخدام الأجزاء المسبقة الصنع تفكيك الجناح النمساوي من السهولة بمكان. فكل مخروط يتكوّن من أجزاء بيتونية مسبقة الصب في دبي. وتُنقل إلى موقع البناء بالشاحنات وتُجمع على أرض الموقع باستخدام أدوات ربط خاصة. ويسهل إزالة الأجزاء الإفرادية عقب انتهاء استخدام الجناح. والخطة من وراء ذلك هي استخدامها في إشادة بناء جديد في مكان مختلف في المنطقة العربية بعد إسدال الستار على فعاليات إكسبو 2020 دبي. وبفضل المرونة العالية للمكونات، سيكون بالإمكان صنع شيء يبدو مغايراً تماماً.
الجناح النمساوي: التزام بأبنية بيئية مستدامة في المستقبل
يدعم الجناح النمساوي رؤية إكسبو 2020 في تنظيم واحدة من أكثر نسخة إكسبو الدولي استدامة. وإذ هو واقع في منطقة الفرص، فإن الجناح يسلّط الضوء على الإمكانيات المتاحة على شتّى الصعد التي تتخطّى البناء المستدام والأبنية التي ترنو إلى المستقبل. وفي هذا السياق، قالت المفوضة العامة بياتريكس كارل: "إن للاستخدام المستدام بيئياً والمسؤول للموارد تاريخاً عريقاً في النمسا. وسيكون إكسبو 2020 دبي الحدث الأضخم في العالم لهذا العام، وسيكون محفلاً دولياً لبحث تحدّيات عصرنا الكبرى. نريد أن نستخدم هذا المحفل لعرض السيناريوهات المستقبلية النموذجية لأبنية الغد التي تحقق التوازن المناخي وتقلل من استهلاك الموارد".
عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.