على مدار عقد من الزمن، قدّمت
الفنانة اللبنانية كريستيل بشارة مجموعة من اللوحات المتميزة في أسلوبها وتقنيّتها، حملت للجمهور الكثير من البهجة وأطلقت العنان لروح مشاهديها لاكتشاف آفاق الإلهام والفن.
وقد حازت أعمال
كريستيل بشارة العديد من الجوائز، لأسلوبها الثوري المتميز في المزج بين الخطوط التفريغية والرسم بالحبر والصور الفوتوغرافية، والجمع بين وسائط متعددة في لوحاتها. من بين الجوائز التي فازت بها كانت التقدير في وورلد آرت دبي عام 2018، حيث حصلت مجموعتها المُعَنْوَنة "الجمال في التنوع" على جائزة "الفنان المقيم" الإماراتية.
وقد حققت أعمالها أصداء قوية في الصالات الفنية وجامعي الفنون، من مدن وثقافات مختلفة، في طوكيو وميلانو ودلهي وتكساس ونيويورك وسيدني.
حرصنا على لقاء الفنانة المعاصرة كريستيل بشارة ومحاورتها، ووجدنا لديها شغفاً بالفن سيلهمك، ويحمل لك من طيّات كلامها الكثير من البهجة والانطلاق والإبداع.
في البداية؛ صفي لنا إبداعك الفني..
أسعى إلى أن تُحدِث إبداعاتي البهجة والمشاعر العميقة. فأسلوبي يعتمد عدة طرق في الرسم، كالاستنسل والاسكتش، مع وسائط عصرية أخرى، لتمنح العمل مستويات متعددة من التواصل. وفي رأيي أن أفضل ما يصف لوحاتي الفنية هو حركتها وألوانها المعّبرة حيث أستخدم ألوان الزيت والأكريليك والرسم بالحبر أو الـ"Giclée"، لأحاكي المشاعر التي أرغب في إيصالها من خلال العمل.
هل لديك مدرسة وأسلوب فني مفضّلان أكثر من غيرهما؟
بصورة خاصة، أفضّل الفن الرائج أو الـ "بوب-آرت" لأنه يتيح مساحة من الحرية في أساليب التعبير والوسائط وحتى المواضيع؛ من الرسوم الكارتونية وحتى الأعمال الأكثر جدية. هذا الأسلوب جعل الفن التشكيلي أقرب تواصلاً، وكسر القالب النمطي للفن التشكيلي، كونه منحصراً في شكل أو قالب أو حتى طبقة محددة، وفتح آفاقاً جديدة للفنانين للتجريب والتميز. وأرى أني تأثرت بعدة مدارس، فجاءت لوحاتي مزيجاً من العصرية والنسوية والبوب آرت.
وماذا عن أحدث معارضك الفنية في دبي تحت عنوان "الجمال في التنوع"؟ حدّثينا عن المفهوم الأساسي خلف أعمالك في هذا المعرض..
أجد أن معرض "الجمال في التنوع" هو بمثابة الرسالة التي تعرّف أسلوبي وأعمالي الفنية، وفي أحدث المجموعات المطروحة من خلاله التي تأتي بعنوان "اسأل امرأة"، أكرّسها لنقل مفهوم تأثير المرأة في تحسين المجتمعات، والتطور الكبير الذي حققته الحركة النسوية على مستوى العالم خلال العقد الأخير بالتحديد. فكل لوحة هي تأويل لموضوع بعينه يخصّ مفهوم التمكين.
وقد أثّرت مشاركتي في مبادرة "فجوة الفن" على الأعمال المطروحة في المعرض، والتي عزّزت الوعي بالفروق بين الجنسين حتى في تسعير الأعمال الفنية. فرسمت نصف اللوحة فقط، ولكني بعتها بسعرها الكامل، لأعبّر بدقة عن الفروق بين تسعير اللوحات التي تقدّمها الفنانات مقابل تلك التي يقدّمها فنانون من الرجال. وهذه اللوحة معروضة في المقر الرئيس لبنك ستاندارد تشارترد في لندن. وقد حققت اللوحة أصداء ناجحة لدى جامعي الأعمال الفنية، وتلقّت إطراءات كثيرة، ما شجّعني على أن أخصّص مجموعة لوحات كاملة للنساء.
هل ترين نفسك من الفنانين ذوي الأسلوب الحضري؟
بكل تأكيد؛ فخطوطي التفريغية التي تتبع أسلوب الاستنسل، ترتبط بالأسلوب الحضري. وقد تلقّيت بالفعل عرضاً لرسم جدارية كبيرة في دبي، ولكن ارتباطاتي الحالية منعتني من التنفيذ، على الرغم من حماستي الكبيرة للمشروع. فأنا دوماً ما أتطلّع لتجربة وسائط جديدة؛ وربما أتمكّن من رسم جدارية قريباً.
وما هو رأيك في فن الغرافيتي؟
اختلفت النظرة لفن الغرافيتي كلياً في الفترة الأخيرة؛ فقد تحوّلت من النظر إليه كتشويه وتخريب، إلى فن الشارع، وتحوّل إلى صيغة من الفن الرائج أو البوب آرت ذات الرسالة القوية والمعبّرة، وصار يستخدم في تجميل المدن حول العالم. كما صارت أعمال الغرافيتي من الأعمال المطلوبة في أهم دور المزادات العالمية، وصارت لها معارض فنية ناجحة. برأيي، نجح فن الغرافيتي في أن يصبح الفن المتواصل مع مختلف أنواع الجمهور لأنه يمنحهم البهجة والإلهام.
حدثينا عن المدارس الفنية أو الفنانين العالميين أصحاب التأثير الأكبر على أسلوبك ولوحاتك..
الفنان المفضّل لديّ على الإطلاق هو هنري ماتيس. أجده مايسترو تنسيق الألوان الأهم والأعظم، وأرى أنه لم يأخذ حقه من الفضل والتقدير لما أراه من عظم تأثيره على مختلف الثقافات من وجهة نظري. فالتنسيقات الخاصة بالألوان ضمن مجموعات، هو ما نبني عليه الآن معايير التناسق والجمال في مختلف المجالات، من الأزياء وحتى العمارة. وبالإضافة إليه، أحب أعمال آندي وراهول وأتأثّر بها كذلك أعمال ميريام شابيرو وفريدا كاهلو.
أي المشاعر تحرّكك أكثر من غيرها وتلهمك لإبداع لوحة جديدة؟
معاملاتي اليومية مع الطبيعة ومفردات العالم من حولي هي مصدري للإلهام. وعموماً، أنتقي المواضيع التي أرى فيها تأثيراً على مشاعري خلال وقت أو حدث ما، ولكن يمكنني القول إن طرفي النقيض بين السعادة والحزن، هما أكبر مؤثرين ومحرّكين لمشاعري ولفني.
ما هي الرسالة التي ترغبين في إيصالها للجمهور من خلال أعمالك الفنية؟
الجمال في التنوّع، عالمنا جميل لأنه متنوّع ومفعم بالتناقضات. أحرص من خلال أعمالي أن أبرز فكرة أن الاختلافات بيننا هي ما يميّزنا ويجعلنا متفرّدين؛ ينبغي علينا أن نتقبّل ونحتوي تلك الاختلافات والتعددية، ونطوّر عقلياتنا لنكون أكثر تسامحاً وشمولاً.
استمتعنا بهذا الحوار المفعم بالفن والشغف والإلهام مع الفنانة اللبنانية كريستيل بشارة
عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.