تُعتبر الديكورات المبتكرة اليوم جزءًا لا يتجزأ من عروض بعض دور الأزياء، وأبرزها دار ديور Dior التي عوّدتنا على ابتكار تركيبات فنية مستلهمة من أفكار مميزة. وفي عرض خريف وشتاء 2024- 2025، تمّ تزيين القاعة التي استضافت العرض في باريس، بتسع منحوتات من الخيزران بالحجم الطبيعي للفنان الهندي شاكونتالا كولكارني، تشبه الدروع الكاملة للجسم مستوحاة من الحياة القبلية والأدغال، مما مهّد الطريق لمجموعة تحيي النساء المتمكنات في الستينيات.
موضة الستينيات
بدورها، استمدّت "ماريا غراتسيا كيوري" الوحي من الحقبة الانتقالية في أواخر الستينيات، حين بدأت الموضة بتجاوز حدود المشاغل لتجتاح العالم بأكمله. ومن هنا أبصرت "ميس ديور" Miss Dior النور عام 1967، وهي مجموعة للنساء قدّمت ألبسة جاهزة للمرّة الأولى، وقد أوكل "مارك بوهان" مهمّة تصميمها لمساعده "فيليب غيبورجيه". وكان التحدي الذي واجهه مجال الموضة والأزياء في ذلك الوقت يكمن في القدرة على صنع فساتين يمكن إعادة إنتاجها بكميّات كبيرة، وأن تلائم، قبل كلّ شيء، إيقاع الحياة الذي كان يعطي للخيال والإبداع أهميّة قصوى.
وقد انعكست رؤية ماريا غراتسيا كيوري لهذا الموسم في ما يشبه الاحتفال بتطور الملابس الذي رافق الحركة النسوية المزدهرة في تلك الحقبة، إذ شرعت النساء في مهن يهيمن عليها الرجال تقليدياً. وبإلهام من موضة الستينيات، ضمت المجموعة التنانير القصيرة ذات الأزرار، المعاطف المزدانة بالأحزمة، البدلات الفضفاضة، وكلها مقدمة في لوحة أحادية اللون في الغالب، إلى جانب الأحذية الجلدية السوداء اللامعة ذات الإبزيم والتي تتميز بكعب كروي ذهبي أضفى لمسة مثيرة على التنانير الملتفة بطول الركبة والمعاطف المربعة.
وفي إشارة إلى تراث بوهان، قامت كيروي بدمج شعار Miss Dior القديم في تصميماتها، مما استحضر روح التمرد الشبابي والاحتجاجات الطلابية التي اجتاحت باريس في مايو من العام 1968، إذ زينت الزخارف المصممة على شكل شعار المعاطف والتنانير، لتحوّل الأوشحة الحريرية إلى رموز للتمكين والتعبير عن الذات.
من ناحية ثانية، تحتفي المجموعة بالأشكال والمواد التي كانت حافزاً، عندما تمّ افتتاح بوتيك "ميس ديور" Miss Dior في باريس، لتبنّي أسلوب جديد في ارتداء الملابس، قادر على توحيد عدد من النساء وجعلهنّ يشعرنَ بمدى تميّزهنّ. ومرّة جديدة، أصبح الوشاح، العزيز على قلب "ماريا غراتسيا كيوري"، من بين الأكسسوارات التي لا بدّ من اقتنائها. ففي الحياة اليوميّة، أو في العمل، أو خلال القيام برحلةٍ ما، يكون الوشاح قابلاً للتعديل وصغير الحجم، واقياً، حاضناً ومزخرفاً بحسب الحاجة. وتأتي الإطلالات التي تنساب بحريّة، كتلك التي تضمّها التصاميم على شكل A، لتُسهّل الحركة ولتُفسح المجال أمام آفاق جديدة، ممّا يُعزّز جسد المرأة بدون تقييده.
كما يبرز أيضاً تأثير مصممة الديكور الإيطالي غابرييلا كريسبي، إذ يضفي على المجموعة إحساساً بالأناقة المترفة، وقد أرفقت كيوري العديد من الإطلالات بالقبعات المميزة ذات الحواف العريضة، بينما أضفى القمصان والبدلات الضخمة المصنوعة من الكشمير المزدوج باللون العاجي، رقياً خالداً على خشبة العرض.
عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.