في خطوة قد تغيّر ملامح صناعة مستحضرات التجميل بشكل جذري، يناقش المجلس التشريعي في ولاية نيويورك مشروع قانون جديد يعرف بـ"قانون عدالة الجمال" (A2054)، والذي يهدف إلى تنظيم استخدام مكونات معينة في منتجات العناية الشخصية ومستحضرات التجميل. المشروع لا يزال في مرحلة النقاش داخل اللجان، لكنه إذا تم اعتماده، فسيحظر بيع المنتجات التي تحتوي على مواد مثل البارابين، والفورمالديهايد، وأحد الأصباغ الشهيرة المستخدمة في الماسكارا وكحل العيون.
تفاصيل مشروع القانون
يشير نص المشروع إلى أن آلاف المواد الكيميائية تدخل في تركيبة مستحضرات التجميل والعناية الشخصية، وبعضها يرتبط بمخاطر صحية مثل الربو، الحساسية، اضطرابات الغدد الصماء، ومشاكل النمو العصبي، العقم، وحتى السرطان. كما يؤكد أن التعرض لهذه المواد يبدأ منذ الطفولة المبكرة مع استخدام شامبو الأطفال وكريمات الحفاضات، ويستمر طوال الحياة.
ويستشهد القانون بتقارير مجموعة العمل البيئي (EWG) التي تفيد بأن المرأة تستخدم يومياً نحو 12 منتجاً للعناية الشخصية، مما يعرضها لـ168 مادة كيميائية في المتوسط. ويعبّر مشروع القانون عن قلقه من أن القوانين الفيدرالية الحالية لا توفر الحماية الكافية للمستهلكين والعاملين في صالونات التجميل، داعياً إلى تبني سياسة أكثر صرامة لحماية سكان نيويورك.
وعلى الرغم من أن معظم المواد التي يشملها القانون لم تعد تضاف إلى مستحضرات التجميل الحديثة أو يتم التخلص منها تدريجياً، بحسب خبيرة الكيمياء التجميلية كيلي دوبوس، إلا أن مادة واحدة أثارت جدلاً خاصاً، وهي "الكربون الأسود"، وهو ملون يستخدم في "أغمق درجات الأسود" للماسكارا وكحل العيون. دوبوس أشارت إلى أن الكربون الأسود مصنّف ضمن الألوان المعتمدة من قِبل إدارة الغذاء والدواء (FDA)، مما يعني خضوعه لاختبارات دقيقة قبل استخدامه. وحذّرت من أن حظره قد يتطلب إعادة صياغة كاملة للمنتجات السوداء الكلاسيكية، حيث لا يوجد بديل يضاهي لونه العميق تماماً.
المزيد من المكونات المثيرة للجدل
من جانب آخر، نبهت الكيميائية شيريلي باكمان إلى أن كريمات التسمير الذاتي قد تتأثر أيضاً، كون مادة DHA الفعالة بها تُعتبر مانحة للفورمالديهايد بدرجة معينة، رغم أن استخدامها موضعي ومعتمد من إدارة الغذاء والدواء.
الجدير ذكره أن بعض هذه المكونات، مثل البنزين، قد تعرضت للنقد سابقاً بسبب ارتباطها بالسرطان، رغم أن وجودها غالباً ما يكون نتيجة تلوث أثناء التصنيع، وليس إضافة مقصودة.
أما البارابين، فقد كان لسنوات مثار جدل كبير. ورغم أنه يمنع العفن ونمو الفطريات في المنتجات، فقد تمت إزالته من العديد منها بسبب مطالبات الجمال النظيف، رغم أنه يوجد طبيعياً في الجسم وفي بعض الأطعمة أيضاً.
وفي الوقت الذي ترى فيه باكمان أن نية المشروع حماية المستهلكين جديرة بالثناء، إلا أنها تشير إلى أن حظر المواد بشكل قاطع قد يغفل قاعدة مهمة في الكيمياء: "الجرعة تصنع السم". فالمخاطر تعتمد على الكمية المستخدمة وطريقة التفاعل مع مواد أخرى والتعرض التراكمي من مصادر متعددة.
ارتفاع محتمل لأسعار المستحضرات
إذا تم إقرار القانون، سيتعين على الشركات إعادة صياغة منتجاتها بحلول عام 2029، وهي عملية باهظة التكاليف قد تؤدي إلى ارتفاع أسعار مستحضرات التجميل بشكل عام. كما حذرت باكمان من أن هذا التغيير قد يترك المستهلكين مع خيارات أقل، خاصة أن العديد من العلامات التجارية الصغيرة قد لا تتمكن من مواكبة المتطلبات الجديدة.
أما مجلس منتجات العناية الشخصية (PCPC)، فقد أعرب عن قلقه من تأثير القانون على سلاسل التوريد والأعمال التجارية الصغيرة، مشيراً إلى أنهم يعملون مع المشرعين لإيجاد صيغة توازن بين حماية المستهلكين والحفاظ على تنوع المنتجات في السوق.
باختصار، يقف عالم الجمال أمام لحظة مفصلية قد تعيد رسم معايير الأمان والجودة لمستحضراتنا اليومية. وبين طموح حماية المستهلكين والحفاظ على الابتكار، يبقى السؤال الأهم: هل نحن مستعدون لهذه الثورة القادمة في عالم الجمال؟
عملت في مجال الصحافة والكتابة منذ سن الـ16، خرّيجة كلية الإعلام والتوثيق في بيروت، أقيم في دبي منذ 14 عاماً، حيث أعمل اليوم كمحررة ومديرة لموقع gheir.com، أشرف على المحتوى وأهتمّ بإدارة العلاقات مع العلامات الكبيرة في مجال الموضة والمجوهرات والجمال والفنون الجميلة على أنواعها. أقوم أيضاً بمقابلات حصرية فيما يتعلق بإصدارات دور الأزياء والمجوهرات، وتنفيذ جلسات تصوير وفيديوهات خاصة بالموقع.